رواية رائعة بقلم الكاتبة مريم غريب
جدتا أدهم قد أخرج سيارته من الجراچ و يقف بها أمام بوابة البناية في إنتظارهما ..
إندفعت عائشة بسرعة نحو السيارة و إستقلت في الخلف قبل أن تسبقها سلاف و تفعل بينما إضطرت سلاف للجلوس بجوار أدهم و هي تعرف في قرارة نفسها أنه حانق من تصرفات أخته
إنطلق أدهم بالسيارة و بالطبع كان يميل مبتعدا عن سلاف رغم أن المسافة بينهما كافية جدا كانت تصرفاته غريبة لمن يراه و لكن سلاف إعتادته و فهمت أطواره فلن يجدي الأستغراب الآن
كما لو أنه يشم رائحة كريهة و لكنها لم تكن سوي رائحة عطرها المفضل Be Seduced من ڤيكتوريا سيكريت ..
كان يضم كفه علي المقود بقبضة محكمة و كانت العروق نافرة تحت جلد يده الأسمر .. لم يرخ قبضته أبدا و لم يخفف من وضعيته المتصلبة و خيل إليه أن الطريق سيكون طويلا رغم أنه قطع نصف المسافة تقريبا
كانت مايا واقفة في الشرفة و قد رأت المشهد من بدايته ...
لتشتعل الڼار فيها و يجتاحها ڠضب ساحق و هي تستدير و تهرع إلي والدتها صائحة
شووفتي يا ماما
شوفتي كمية النفاق و القرف إللي في البيت ده
عشان أقولك إن مافيش حد هنا بيحبنا بس إنتي عمرك ماصدقتي
أطفأت التلفاز و إلتفتت إليها متسائلة
مالك يابت في إيه متشعننة و صوتك عالي كده ليه !
مايا بنبرة و نظرات يملأها الحقد
سي أدهم
لأ . الشيخ أدهم عارفةلسا شايفاه نازل مع مين
ده كمان مقعدها جمبه . جمبه يا ماما إللي عاملنا فيها متدين و عفيف مالوش تعامل مع البنات
إلتمع الڠضب في عيني راجية و تصلبت شفتاها
لكنها سرعان ما تمالكت نفسها و قالت تهدئ إبنتها
طيب إهدي شوية
ماتعصبيش نفسك كده .. كان صوتها صارما ثم سألتها بإهتمام
مايا مزمجرة
لأ . شوشو هانم معاهم
أومأت راجية رأسها و هي تقول بهدوء غامض
طيب هدي أعصابك
خلينا نشوف أخرتهم إيه الأول قبل ما نعمل أي حاجة
عقدت مايا حاجبيها قائلة
نعمل حاجة !
حاجة زي إيه يعني
شردت راجية بنظرها و قالت بنفس الغموض
ده شغلي أنا
مټخافيش
أوعدك أدهم هيكون ليكي . مش هسمح لأمينة تنفذ إللي في دماغها . ورث العيلة و فلوس أخويا من حقنا و مش هتروح لحد غيرنا !
وصل أدهم أمام المطعم الفاخر الذي حجز به ..
نزلوا جميعا من السيارة و ترك أدهم المفتاح للسائس ليقوم بركنها .. ثم جعل عائشة و سلاف تتقدماه أولا إلي الداخل
كان المطعم في الدور الأخير من هذه البناية شاهقة الإرتفاع و كان واسع جدا سقفه عالي دائري الحواف و الإضاءة هادئة و النوافذ العريضة جميعها من الزجاج الشفاف بحيث يستطيع الزائر مشاهدة النيل و معالم القاهرة بوضوح شديد ..
إنه شئ يبعث الرهبة و الخۏف في الأنفس ... و لكنه ممتع أيضا
جلست سلاف إلي الطاولة المستطيلة قبالة أدهم مباشرة و جلست عائشة بينهما .. و بعد أن حضر النادل لأخذ طلباتهم
قالت عائشة بمرح
بس تعرفوا أكل المطاعم ده له هيبة بردو
تحس إنك قاعد في مكانك و كل الرايح و الجاي بيخدم عليك
بجد شكرا يا دومي علي العزومة الجميلة دي
رد عليها أدهم بإيماءة خرساء و واصل تحديقه الفارغ في مفرش الطاولة الناصع ... حتي آتي الطعام
تناولت عائشة حصتها بشهية و كذلك فعلت سلاف .. أما أدهم فإكتفي بالعبث في طبقه متظاهرا بتناول طعامه فكان الحديث الذي ينتظره طاغ علي كل شعور حسي من الممكن أن ينتابه حاليا
و بعد إنتهاءهم من الطعام طلب أدهم المشروبات
عصير طازج لأخته و سلاف و القهوة المضبوطة له ..
طيب عن إذنكوا أنا بقي ! .. قالتها عائشة و هي تأخذ كأسها و تقوم عن الطاولة
نظر لها أدهم و تساءل بدهشة
رايحة فين
عائشة بإبتسامة خبيثة
هاروح أقف في الهواء الطلق شوية يا دومي
المنظر هنا تحفة أووي
أدهم بتردد
خليكي قاعدة معانا !
نظرت عائشة إلي سلاف لتجدها متجهمة بالطبع ..
رمقت أخيها بنظرة تحذيرية و قالت بحدة
لأ أنا هاسيبكو لوحدكو . مش عايزة أبقي عازول يا أخي منظري هيبقي وحش . يلا Good luck .. و مضت نحو الشرفة الكبيرة المفتوحة
ساد الصمت لبرهة من الزمن و كلا منهما مطرقا برأسه ..
حتي رفع أدهم وجهه أخيرا
و أفلح في الكلام بعد جهد فقال
أخبار دراستك إيه يا سلاف
نظرت له سلاف و أجابت بفتور
مش بذاكر
بقالي