السبت 23 نوفمبر 2024

رواية رائعة بقلم الكاتبة مريم غريب

انت في الصفحة 8 من 25 صفحات

موقع أيام نيوز

جدتا أدهم قد أخرج سيارته من الجراچ و يقف بها أمام بوابة البناية في إنتظارهما ..
إندفعت عائشة بسرعة نحو السيارة و إستقلت في الخلف قبل أن تسبقها سلاف و تفعل بينما إضطرت سلاف للجلوس بجوار أدهم و هي تعرف في قرارة نفسها أنه حانق من تصرفات أخته
إنطلق أدهم بالسيارة و بالطبع كان يميل مبتعدا عن سلاف رغم أن المسافة بينهما كافية جدا كانت تصرفاته غريبة لمن يراه و لكن سلاف إعتادته و فهمت أطواره فلن يجدي الأستغراب الآن
كان مشيحا بوجهه عنها
كما لو أنه يشم رائحة كريهة و لكنها لم تكن سوي رائحة عطرها المفضل Be Seduced من ڤيكتوريا سيكريت ..
كان يضم كفه علي المقود بقبضة محكمة و كانت العروق نافرة تحت جلد يده الأسمر .. لم يرخ قبضته أبدا و لم يخفف من وضعيته المتصلبة و خيل إليه أن الطريق سيكون طويلا رغم أنه قطع نصف المسافة تقريبا
لكن الدقائق كانت تمر بطيئة بالنسبة إليه ..
كانت مايا واقفة في الشرفة و قد رأت المشهد من بدايته ...
لتشتعل الڼار فيها و يجتاحها ڠضب ساحق و هي تستدير و تهرع إلي والدتها صائحة 
شووفتي يا ماما 
شوفتي كمية النفاق و القرف إللي في البيت ده 
عشان أقولك إن مافيش حد هنا بيحبنا بس إنتي عمرك ماصدقتي
كانت راجية جالسة أمام التلفاز تشاهد أحد برامج العناية بالجمال بتركيز شديد .. لكنها توقفت الآن علي إثر صوت إبنتها و كلماتها
أطفأت التلفاز و إلتفتت إليها متسائلة 
مالك يابت في إيه متشعننة و صوتك عالي كده ليه !
مايا بنبرة و نظرات يملأها الحقد 
سي أدهم
لأ . الشيخ أدهم عارفةلسا شايفاه نازل مع مين 
دلوقتي حالا شوفته واخد الست سندريلا بنت خاله في عربيته لأ و مش كده و بس
ده كمان مقعدها جمبه . جمبه يا ماما إللي عاملنا فيها متدين و عفيف مالوش تعامل مع البنات
إلتمع الڠضب في عيني راجية و تصلبت شفتاها
لكنها سرعان ما تمالكت نفسها و قالت تهدئ إبنتها 
طيب إهدي شوية
ماتعصبيش نفسك كده .. كان صوتها صارما ثم سألتها بإهتمام 
هما كانوا لوحدهم !
مايا مزمجرة 
لأ . شوشو هانم معاهم
أومأت راجية رأسها و هي تقول بهدوء غامض 
طيب هدي أعصابك
خلينا نشوف أخرتهم إيه الأول قبل ما نعمل أي حاجة
عقدت مايا حاجبيها قائلة 
نعمل حاجة !
حاجة زي إيه يعني 
شردت راجية بنظرها و قالت بنفس الغموض 
ده شغلي أنا
أنا إللي بخطط يا مايا . و مافيش أي حاجة بعوزها إلا باخدها .. ثم نظرت لها ثانية و أكملت بثقة 
مټخافيش
أوعدك أدهم هيكون ليكي . مش هسمح لأمينة تنفذ إللي في دماغها . ورث العيلة و فلوس أخويا من حقنا و مش هتروح لحد غيرنا !
وصل أدهم أمام المطعم الفاخر الذي حجز به ..
نزلوا جميعا من السيارة و ترك أدهم المفتاح للسائس ليقوم بركنها .. ثم جعل عائشة و سلاف تتقدماه أولا إلي الداخل
كان المطعم في الدور الأخير من هذه البناية شاهقة الإرتفاع و كان واسع جدا سقفه عالي دائري الحواف و الإضاءة هادئة و النوافذ العريضة جميعها من الزجاج الشفاف بحيث يستطيع الزائر مشاهدة النيل و معالم القاهرة بوضوح شديد ..
إنه شئ يبعث الرهبة و الخۏف في الأنفس ... و لكنه ممتع أيضا
جلست سلاف إلي الطاولة المستطيلة قبالة أدهم مباشرة و جلست عائشة بينهما .. و بعد أن حضر النادل لأخذ طلباتهم
قالت عائشة بمرح 
بس تعرفوا أكل المطاعم ده له هيبة بردو
تحس إنك قاعد في مكانك و كل الرايح و الجاي بيخدم عليك
بجد شكرا يا دومي علي العزومة الجميلة دي
رد عليها أدهم بإيماءة خرساء و واصل تحديقه الفارغ في مفرش الطاولة الناصع ... حتي آتي الطعام
تناولت عائشة حصتها بشهية و كذلك فعلت سلاف .. أما أدهم فإكتفي بالعبث في طبقه متظاهرا بتناول طعامه فكان الحديث الذي ينتظره طاغ علي كل شعور حسي من الممكن أن ينتابه حاليا
و بعد إنتهاءهم من الطعام طلب أدهم المشروبات
عصير طازج لأخته و سلاف و القهوة المضبوطة له ..
طيب عن إذنكوا أنا بقي ! .. قالتها عائشة و هي تأخذ كأسها و تقوم عن الطاولة
نظر لها أدهم و تساءل بدهشة 
رايحة فين 
عائشة بإبتسامة خبيثة 
هاروح أقف في الهواء الطلق شوية يا دومي
المنظر هنا تحفة أووي
أدهم بتردد 
خليكي قاعدة معانا !
نظرت عائشة إلي سلاف لتجدها متجهمة بالطبع ..
رمقت أخيها بنظرة تحذيرية و قالت بحدة 
لأ أنا هاسيبكو لوحدكو . مش عايزة أبقي عازول يا أخي منظري هيبقي وحش . يلا Good luck .. و مضت نحو الشرفة الكبيرة المفتوحة
ساد الصمت لبرهة من الزمن و كلا منهما مطرقا برأسه ..
حتي رفع أدهم وجهه أخيرا
و أفلح في الكلام بعد جهد فقال 
أخبار دراستك إيه يا سلاف 
نظرت له سلاف و أجابت بفتور 
مش بذاكر
بقالي

انت في الصفحة 8 من 25 صفحات