السبت 30 نوفمبر 2024

رواية رائعة بقلم الكاتبة أمل نصر

انت في الصفحة 38 من 175 صفحات

موقع أيام نيوز

 

قطعت وصلة التفكير يائسة لتلتف نحو البراد تخرج القدر الكبير الممتلئ بحليب الصباح والذي يأتي لهم يوميا باتفاق مسبق مع صاحبة الماشية مقابل مبلغ من المال تأخذه شهريا وذلك منذ سنوات عديدة باختلاف جذري عن باقي الأسر حولهم 
فعله الرجل كبير جد حجازي من بعد زواجها به مع تدهور صحة زوجته وتقدمها في العمر ليببيع كل الماشية في الحظيرة حتى لا يرهق العروس الصغيرة بهذا العمل الشاق 

لقد عاشت طفولة منعمة في كنف

والديها مميزة عن بقية اخوتها ثم زوج رائع وحياة رغدة رغم توسط الحالة المادية لكن يبدوا ان كل ذلك سينقلب على رأسها قريبا 
وضعت القدر كي تغلي اللبن بداخله اولا قبل أن تأخذ كميه مناسبة منه ثم تصعد به لشقتها بعد ان أشعلت ڼار الموقد الغازي توقفت تراقب كالعادة حتى اجفلت على الصوت اللذي أتى من خلفها 
صباح الخير يا نادية 
الټفت تتمتم رد التحية ولكن الكلمات وقفت بحلقها وقد تفاجأت بوقفته على مدخل المطبخ يسده بجسده الضخم ليتابع بنبرة تبدوا عادية لكنها غير مريحة
عاملة ايه النهاردة 
ابتعلت بصعوبة ريقها الذي جف متأثرا بتوتر اصبح يجمد أطرافها
انا زينة والحمد لله تشكر ع السؤال 
قالتها وعادت لمتابعة القدر مرة أخرى لتزداد الضربات المدوية لقلبها مع شعور بسهم النظرات تخترق سلسلة ظهرها والتي تشجنت بقسۏة لتلتف رأسها بحدة نحوه بتساؤل جعله يشعر بالحرج ليخرج عن صمته قائلا
معلش لو ازعجتك بوجفتي بس انا بصراحة عايز اتكلم 
ظلت تتابعه بتوجس تنتظر المزيد من التوضيح منه فأردف يصدمها بقوله
انا عارف ان امي كان كلامها تجيل عليكي امبارح بس دا الواقع يا نادية واحنا مجبرين على التصرف وبسرعة وبصراحة مفيش حل تاني 
انزوى ما بين حاجبيها وتعقمت نظرتها الغاضبة له تستغرب بشدة جرأته في أن يفاتحها بنفسه بعد يوم واحد من والدته اجفلت فجأة على صوت فوران الحليب الذي اصبح يتسرب لخارج القدر بسرعة عالية استفاقت لتطفئ نيران الموقد ولكن وقبل أن تمتد يدها وجدته يسبقها بالغلق ثم استقام بجسده الفارع وقد تقلصت المسافة بينهما في المساحة الصغيرة وبدت معالم وجهه بالكامل أمامها بهذه القرب قائلا لها
ولا يهمك ان راح كله حتى اهو خد الشړ وراح 
لم تكلف نفسها بالرد عليه وقد بدا امامها شخص آخر لا تعلمه يتابع حديثه مدعيا أن الأمر عادي
احنا كنا بنتكلم عن اللي جالته امي مش عايزك تجلجلي خالص يا نادية ولدك هيبجى في عيني من جوا واحنا بنعمل كدة في الأصل ليه ما كله عشان مصلحته وعشان نحميه من شړ جده دا راجل سكري ولا عمر صعب عليه غالي
لم تكن دماءا تلك التي تجري في أوردتها بهذه اللحظة لا بل هي كانت حممم تغلي حتى جعلت جسدها يهتز من فرط انفاعله ولسانها مقيد عن الرد بما يليق به جاهدت بقوة حتى احتفظت ببأسها وتحركت متمتمة كي تذهب تاركة له المطبخ
تشكر يا سند بس انا دلوك مخي مجفل عن أي موضوع لا جواز ولا غيره 
غادرت ولم تسأل عن الحليب في القدر أو حتى تجفيف سطح الموقد مما سقط عليه وزادت من سرعتها داخل المنزل الذي أكتشفت لأول مرة أنه كبير جدا وضخم 
وصلت الى الجدة لتجدها عادت للتسببح بدون معتز الذي تركته على حجرها منذ قليل الټفت رأسها في المحيط حولها لتبحث بعيناها سريعا عنه وحينما يأست خرج سؤالها نحو المرأة
الواد فين يا جدة
انتبهت سکينه ترفع ذراعها ملوحة نحو الخارج تجيبها
برا مع ستو وعماته يا بتي 
سمعت منها لتنتفض متوجهه للخارج على الفور بغرض ان تأتي به وتصعد به سريعا وكانت المفاجأة حينما وجدته محمولا على ذراعي الاخر عيسى يداعبه ويدغدغه بأنفه على أجزاء من جسدهوحركات شهيرة كان يفعلها والده تسعد طفلها فتجعلها يطلق الضحكات الصاخبة زاد الحنق داخلها شاعرة بحبل يلتف حول رقبتها لتأخذ قرارها سريعا وتعدوا نحوه مرددة بحدة كي يتركه
كفاية يا عيسى كتر الزغزغة بتتعب معدته 
توقف الاخير وأعين الثلاث سيدات انصبت نحوها بفضول فتابعت تعطي عذرا آخر
دا غير كمان ان الضحك الكتير بيخليه يتنكد صباح الخير الأول 
رددن لها التحية فتحركت قدميها نحو المذكور الذي توقف ينتظرها بالطفل فقالت سليمة بوداعة لا تحيد عنها
سبيه يا بتي يشم شوية هوا معانا احسن من حبسته في الشجة معاكي 
رفضت متعللة بتعب صدره ويدها تمتد لتتناوله من الاخر
كفاية عليه كدة لا يعيا انتوا عارفين ما بيتحملش الهوا وصدره ضعيف 
تعلقت كفيها في انتظار ان يرتمي صغيرها كالعادة نحوها لكن الاخر فضل أن يعيطه لها بنفسه قائلا بمخاطبة للطفل ولها
معلش يا عم معتز عشان صحتك بس
بكرة نكمل لعب براحتنا 
في الأخيرة كانت تستل الطفل من يده التي لامست يدها عن قصد لتشعر بها

وكأنها شرارة من ڼار مرت على جلدها نقلت بعيناها نحوه لكن وجدته يلتف محدثا والدته وكأنه لم ينتبه أهو بالفعل كذلك وهي التي تتوهم ام انها كانت في غفلة ولم تستفق منها
 

37  38  39 

انت في الصفحة 38 من 175 صفحات