السبت 30 نوفمبر 2024

رواية رائعة بقلم الكاتبة أم فاطمة

انت في الصفحة 19 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز

سرا حتى كادت
أن تلهكه ولكن ديما العيون تفضح صاحبها 
فالويل لك يا عينى عندما أفصحتى عن ما يخفيه قلبى 
تلون وجه مكة وأشتعل قلبها ولكنها أظهرت سريعا الڠضب ودفعته عنها ثم صاحت أنت إزاى تسمح لنفسك تمسكنى كده 
ولا يعنى أفتكرت عشان مركزك ورتبتك تقدر تعمل كل اللى أنت عايزه 
لا فوق يا سيادة النقيب كله إلا أنا 
التوى ثغر ركان بإبتسامة ساخرة ورد بتهكم يا شيخة بس بس أنت فاكرة نفسك إيه 
حضرتك كنت هتقعى وأنا لحقتك وصراحة ندمت بعد الكلمتين دول يارتنى كنت سبتك وقعتى واقعدت أتفرج عليك وأضحك 
أحسن من طولة لسانك اللى عامل زى الفرقلة ده 
كزت مكة على أسنانها بغيظ مردفة تضحك ليه فكرنى أرجوز 
فضحك ركان قائلا تصورى صح شبهه بخدودك اللى عاملة زى الطماطمية دى 
لتضع مكة يديها على وجنتيها خجلا وتفترش بنظرها الأرض 
اعجب ركان بحيائها وقارن بينها وبين شاهيناز فالفرق بينهم بين السماء والأرض فالحياء خلق لا يقدر بثمن أساسه تربية صالحة ليس له علاقة بالمكانة الأجتماعية 
الټفت ركان ليرى باقة الورد التى سقطت منه على سهو عندما حاول اللحاق بمكة قبل أن تسقط فالتقطها سريعا وابتسم واقترب من مكة ليهديها إليها قائلا بمداعبة أتفضلى كفارة يا ريس مكة 
ولو أنها خسارة فيك بعد الكلام الدبش اللى قولتيه 
شعرت مكة بالحرج وندمت على تسرعها فى اتهامه وكلماتها القاسېة له عندما رأت باقة الورد البيضاء التى تفضلها دائما 
فتمتمت بخجل شكرا يا سيادة النقيب ومعلش أنا بس لازم أعمل حدود بينى وبين اى حد أجنبى عنى 
ركان بإندهاش بس أنا مش أجنبى أنا مصرى زيك زيك 
ضحكت مكة حتى وضعت يدها على فمها كى لا تعلو صوت ضحكتها
فتسائل ركان هو أنا قولت نكتة ولا إيه
مكة لا بس عشان كلمة اجنبى مش المقصود بها نوع الچنسية اقصد انك راجل ولازم يكون بينا حدود فى المعاملة 
فابتسم ركان وهز رأسه بمعنى فهمت 
ركان بمشاكسة هنفضل نكلم فى الأجنبى والمصرى ونفضل هنا كتير 
مش يلا بينا بقى نشوف الدنيا بره أحسن من قعدة المستشفى دى 
رفعت مكة عيناها الساحرتان له وقد لمعت بالدموع فخفق قلب ركان لها متسائلا ليه الدموع تانى يا مكة 
مكة خاېفة يا ركان باشا من الدنيا اللى بره أنا مش حمل صدمات تانى 
فتصارعت نبضات قلب ركان حين تذكر حفل خطوبته يوم
الجمعة وكيف ستتحمل تلك المسكينة تلك الصدمة 
وكيف لى أن أتحمل تلك رؤية عينيها تمتلىء بالعبرات من أجلى 
فنظر لها ركان بحدة قائلا بصوت صارم مكة أنت مش ضعيفة أنت قوية وتقدرى تواجهى اى حاجة ومش عايز أشوف دموعك دى تانى وعايزك تدوسى على الكل برجلك وتحكمى عقلك مش قلبك
ومتفكريش غير فى نفسك ومصلحتك وبس واركنى عواطفك على جمب ده مش زمن المشاعر صدقينى أنا عارف الدنيا اكتر منك 
تحيرت مكة فى أمره فكيف يكون بهذه الوداعة تارة 
وتارة أخرى يكون بهذه الصرامة كأنه وحش مفترس 
أحيانا تراه عاشقا لها وأحيانا تراه جلادا لها 
فمن هو إذا 
مكة 
ولكنى للأسف لا أعلم سوى إنى أحبه فتبا لهذا القلب الذى أخشى أن يهوى بى للچحيم 
ركان متسائلا فهمانى 
مكة بثقة مش فاهمة حاجة غير إن ربنا أكيد زى منجانى قبل كده هينجينى تانى وده يكفينى 
أما باقى الكلام فللأسف مش طبعى ولا هقدر أطبعه يا سيادة النقيب 
تنهد ركان بمرارة وهز رأسه قائلا مفيش فايدة 
طيب قدامى يا مكة لما أشوف أخرتها معاك 
لتتقدمه مكة متمتمة بقولها دعاء الخروج 
فأردف ركان بإندهاش انا مش عارف رغم ضعفها جايبة قوى الإيمان دى إزاى 
وكل حاجة عندها ليها ذكر لله 
وفى الخارج فتح لها ركان باب السيارة لتجلس بجانبه ولكنها وقفت متجمدة لا تتحرك 
ركان متعجبا مال سيادتك 
ياريت ننجز عشان ماما مستنياك يا أخت مكة 
فابتسمت مكة وتراجعت بظهرها للوراء لتفتح الباب الخلفى للسيارة بين نظرات ركان المتعجبة لفعلها 
ولكنها تخشبت على إثر قولها لها بحدة بتعملى إيه حضرتك 
مكة بتلعثم هركب هنا عشان مينفعش يعنى 
فقاطعها ركان بقوله مينفعش إيه 
هو أنا هأكلك لما تقعدى جمبى 
مكة لما الدور لو سمحتى وأنا مش السواق بتاع جنابك عشان حضرتك تركبى ورا 
ثم تابع بحدة أربكتها وهو يشير إلى المقعد الذى بجانبه أتفضلى أركبى هنا 
فلم تجد مكة مفر سوى الإستجابة لأمره خشية من إزدياد غضبه 
ولكنها ظلت طوال الطريق تخفض بنظرها وتفرك فى يديها بتوتر وركان يتابع حركتها تلك ويبتسم 
ثم توقف أمام أحد المطاعم 
فنظرت مكة بتعجب قائلة وقفت ليه هنا 
ركان مفيش هتنزل بس نفطر الأول وبعدين نروح البيت عشان عارف حضرتك هتكسفى تاكلى هناك فى الأول عقبال متتعودى على الجو 
اتسعت عين مكة بإنبهار متسائلة أنت جايبنى المطعم اللى شكله فخم اوى ده عشان بس نفطر امال لما تتغدى بتروح فين 
لا ده شكله غالى اوى وحرام تتدبس فى فلوس كتير عشان فطار 
ركان ملكيش دعوة أنت بلى هدفعه انزلى بس 
مكة لا مش داخلة البتاع ده 
ثم جالت بنظرها فى الطريق لترى أمامها على مطلع الطريق عربة للفول ويقف أمامها عدد من الرجال يتناولون سندوتشات الفول أو من
يحب تناوله بلقيمات من طبقه المعد أمامه بإحترافية 
مكة يا باشا 
ركان يا نعم 
مكة بص حضرتك عربية الفول اللى على اول الشارع دى 
ركان بنفاذ صبر ملها 
مكة اهى دى تأدى الغرض وزيادة ونملى التنك ونبوس إيدينا وش وضهر وهتفضل شبعان لأخر النهار لإنها بتقفل المعدة 
جحظت عين ركان بإندهاش قائلا أنت عايزانى أنا النقيب ركان أقف على عربية فول أكل 
شكلك عقلك حصله حاجة 
وضعت مكة يديها فى إحدى جانبيها قائلة بسخرية وملها يعنى الوقفة على عربية الفول محضرتك شايف أهو كل الواقفين رجالة بشنبات زى حضرتك بالظبط 
وناس زيك زيهم من لحم ودم بس حضرتك فاكر انك من طينة تانية غيرنا 
ولا اقول انك بس متقدرش على طبق الفول الجامد اللذيذ ده بالبصل ويا سلام لو جمبه الفلافل السخنة المولعة ولا طبق الباتنجان والبطاطس وشوية مخلل 
لا أنا فعلا جوعت من التخيل بس 
ضحك ركان على طريقة حديثها وشعر بالجوع فعلا والشغف لتناول هذا الطبق اللذيذ الذى تحكى عنه 
ركان بنفاذ صبر مفيش فايدة من لسانك اللى عايز قطعه ده 
أعمل فيك إيه 
أربطك منه 
ولا أقصه أختارى 
أرادت مكة تلطيف الجو فداعبته بقولها طيب بس أستنى يا باشا لما أكل الأول عشان اعرف أبلع بلسانى 
فاڼفجر ركان ضاحكا حتى دمعت عينيه
ثم ترجل من السيارة وفتح لها الباب قائلا أتفضلى قدامى يا أخرة صبرى 
مكة هنروح فين يا باشا 
ركان مبتسما هنفطر أنا وأنت على عربية الفول 
جحظت عين مكة غير مصدقة ما تفوه به فبادرته بقولها بجد
يا باشا 
ركان اه بجد 
مكة طيب يعنى حضرتك راجل أهو ماشاءالله مالى مركزك لكن أنا ست ضعيفة منكسرة ومينفعش أقف كده مع الرجالة ميصحش 
فأنت تعمل حسابى فى سنجودتشات وأنت أقف براحتك اضرب الطبق 
ركان بسخرية نعم يا حيلتها يعنى أنت تقعدى زى الباشا فى العربية تكلى وأنا أقف 
مش هى دى شورتك يبقى لازم تنزلى وتقفى معايا 
وست ايه بس 
أنا مش شايف ايتها ست 
فصكت مكة على أسنانها بغيظ وترجلت من السيارة لتدبدب بقدمها الأرض والأطفال متمتمة بصوت منخفض هو أنا يعنى عشان مش بعرف أتسهوك وأدلع فى الكلام ولا ألبس المحزق والملزق مبقاش ست 
لا وكتاب الله المجيد أنا ست ونص كمان وبكرة تشوف أباشا 
سمع ركان ما تفوهت به فضحك قلبه قبل ثغريه وحدث نفسه قائلا والله أنت ست الستات يا مكة أنا مش عارف ليه معاك عامل زى الطفل الصغير اللى بيضحك من قلبه 
مش عارف أنت عملتى فيه إيه
شقلبتى حالى إزاى كده 
وبالفعل وقفا معا أمام عربة الفول يتناولون بنهم الفول والفلافل والبابنجان والبطاطس المحمرة مع طبق المخلل والبصل 
وكلما وجدته مكة يسدد لها النظر مبتسما اخفضت هى عينيها خجلا ولكنها كانت تنظر له بقلبها الذى أصبح لا يرى غيره فى دنياها تلك الخاوية 
ركان تصورى عندك حق أنا أول مرة أكل كتير كده أكلة زى الفل بس مش عارف بطنى حاسس فيها حاجة 
مكة بقلق مالك بس يا باشا 
أمسك ركان ببطنه مټألما مش عارف مغص كده بسيط 
مكة بضحك شكل معدتك فافى شوية والقولون مستحملش الفول يا باشا 
على العموم متقلقش تعال نضرب كوبايتين نعناع وأنت هتبقى زى الفل وعشرة 
ركان بضحك مش عارف حاسس إنى بكلم واحد صاحبى مش أنسه 
مكة بغصة مريرة الحياة فرضت عليه إنى اكون راجل فى تصرفاتى عشان مجرئش ولاد الحړام عليه 
ركان إيه ده أنت زعلتى 
وطلع عندك ډم زينا 
فكزت مكة على أسنانها بغيظ قائلة تصور حلال فيك اللعبكة اللى عملها فيك طبق الفول 
ركان بقه كده طيب يلا قدامى للبيت يا هانم 
ثم استقلا السيارة نحو منزلهم 
دلال مع شحاته ورجل آخر يدعى سيد عضلات 
دلال فهمتوا الخطة يا رجالة ولا أعيد تانى 
شحاتة فهمنا يا ست الستات بس يعنى أنت متأكدة أن مفيش حد فى البيت دلوقتى وان البت كرميلا هى اكيد اللى هتفتح الباب ونروح شيلينها زى الشوال 
دلال ايوه مفيش غير الست والدته وهى هانم طبعا مش بتفتح الباب وكمان تعبانة حبتين 
ولى فاصل البت اللى تشك كرميلا والست إكرام الدادة بتاعة سيادته 
شحاته ولمؤاخذة أنت عرفتى منين الكلام ده 
دلال وهى تلوى العلكة فى فمها دى اسرار بس هقولك يا ولا 
البت نعناعة قصدتها تراقب الست إكرام دى 
فمشت وراها وهى رايحة السوق وبس شغل حريم بقه كلمة من هنا ومن هنا 
جابت كل اسرار البيت شغالة فين وعند مين 
وبس قلتلها نظامها ايه فى اليوم بتحضر الغدا اول مالبهوات يمشوا فى وقت معين 
وبكده عرفت امتى البيت فاضى 
شحاتة بإعجاب يا دماغك العالية يا ست الكل 
طيب إفرضى فتحت الست إكرام نعمل ايه 
دلال دى ست كبيرة وأكيد بالعقل هتقول الصغيرة افتحى 
ولو يعنى هى فتحت هتقول عايز كرميلا بالأسم هتجبها وتعمل المطلوب ولو برده الست إكرام عملت اى مشكلة خدروها وسبوها مرمية 
شحاتة تمام التمام يا ستنا 
استعنا على الشقا بالله 
يلا يا سيد بينا 
وتوجهوا
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 61 صفحات