رواية رائعة بقلم الكاتبة سارة المصري
كيوسف وزين على الرغم من انه اصغرهم فهو فى السادسة والعشرين بينما زين فى السابعة العشرين
اما سمر فجلست على كرسيها فى حزن فقد سمعت مادار بينهم من حوار قبل ان يصل اخوها وزعت نظراتها بين الجميع فقد سمعت منهم مايكفى هذا الصباح تعرضت للرفض من ابنى عميها وكأنها مجرد عرض او بضاعة يراد التخلص منها لانها لم تعد لها قيمة لم يكلف احد نفسه بسؤالها هى عن رأيها قبل ان تطرح للبيع هكذا وكأن موافقتها امر مفروغ منه فمن ستجد افضل من ابناء البدرى للزواج لقد عاشت فى هذا المنزل كأمانة يخشى عليها من السړقة لم تنل ولو نصف الحرية التى نالتها ايتن فحياتها اقتصرت على الجامعة والمنزل ولكنها لم تشعر فى حياتها بالاھانة مثلما شعرت بها فى هذه اللحظة لم تستطع ان تتحمل اكثر فاستئذنت الجميع وعادت الى غرفتها لتذرف دموعها بعيدا عن الجميع كما اعتادت
قالت ايلينا فى سعادة شكرا يا عمو
واضافت وهى تميل للأمام قليلا كنت عاوز اسأل حضرتك على المكان اللى احنا فيه ايه مداخله ومخارجه اقرب سوق او سوبر ماركت قاطعها محمود قائلا حيلك حيلك ايه يا بنتى ده كله
ابتسم محمود وهو ينظر الى سمير ثم الى ايلينا وواصل بس البلد جديدة عليكى ايلينا هبعتلك حد من الشغالين يساعدك
بسطت ايلينا كفيها امامها قائلة لا لا لا انا مبحبش حد يعملى حاجة فى بيتى انا بحب اعمل كل حاجة بنفسى
مط محمود شفتيه ونظر الى ايلينا متسائلا وناوية برضه تشتغلى مع بابا فى الكافيه
ردت ايلينا لا انا هدور على شغل فى مجالى
ربت سمير على كتف ايلينا قائلا ايلينا مصممة ازياء بتصمم ازياء للمحجبات بس وكان ليها شهرة واسعة هناك فى باريس وسط العرب والمسلمين
ابتسم محمود وهو ينظر لها فى اعجاب واضح لم يستطع اخفائه وفكرة ما تراود عقله حلو اوى يبقا مش محتاجة تدورى احنا مجموعتنا بتوكيل لبس معروف واكيد هنحتاجك انا هكلم يوسف يسلمك شغل من بكرة
عقد محمود ساعديه وهو يتراجع فى كرسيه قائلا حاسس ان فيه ثالثا قوليها بالمرة
حكت ايلينا كفها بجبينها قائلة بصراحة انا مبحبش موضوع الواسطة فى الشغل ده خالص انا احب لما اكون موجودة فى مكان اكون موجودة عشان المكان ده محتاجلى ومحتاج شغلى يعنى انا مش هقبل اشتغل وانتو ممكن متكونوش محتاجين مصممين ازياء اصلا وهتشغلنى مجاملة
تنهدت ايلينا وهى تنظر الى سمير فقال متبصليش انتى طول عمرك مسئولة عن قراراتك
رفعت ايلينا رأسها قائلة خلاص ياعمو حضرتك ادينى العنوان واى رقم تليفون اقدر اتواصل بيه مع الشركة عشان اعرف اخد معاد
قال محمود فى اهتمام طب خلينى اساعدك فى موضوع المعاد ده لان الدنيا بتبقى زحمة عنده وممكن تتأخرى على ما تقابليه
رفعت ايلينا حاجبها وهى تشير بسبابتها قائلة عمو انت وعدتنى مش هتتدخل
نظر محمود الى سمير فى استسلام قائلا بنتك واضح انها عنيدة عنيدة جدا خلاص يا ستى اللى يريحك
الفصل الثانى
دلف محمود الى حديقة القصر طوى بقدمه بساط العشب الأخضر المنسق بعناية أرسل بكفه تحياته الى العامل المختص برعايتها وهو يثني مجهوده ابتسم وأبطأ خطواته وهو يرى زوجته سميرة تجلس على الأرجوحة المقابلة للمسبح ترتدى نظارتها الطبية وتمسكك بين يديها كتاب الله ترتل آياته فى خفوت اتجه اليها وجلس الى جوارها فى هدوء فخلعت نظارتها والتفتت اليه وهى تغلق المصحف قائلة صدق الله العظيم وأضافت بابتسامة حانية حمد لله ع السلامة
بادلها ابتسامتها قائلا الله يسلمك
احتضنت المصحف قائلة صاحبك رجع مع ولاده خلاص
هز محمود رأسه قائلا ايوة واضاف بعد ان ضيق عينيه وتمعن بوجهها لحظات مالك حاسس وشك متغير ليه
زمرت شفتيها قائلة في عدم رضا هيكون مالي هيكون فيه ايه غير البهوات عيالك وقصت له باختصار ماحدث صباحا على الافطار
فزفر محمود فى ضيق قائلا انتى عارفة انه كان هيرفض وبعدين سمر متنفعهوش هوا
لوحت بكفها قائلة في يأس يعنى اعمل ايه كل ما اجبله واحدة يرفضها بقا عنده اتنين وتلاتين سنة ولحد دلوقتى عازب ناقصه ايه هوا مش فاهمة لو كان هلاس زى باقى الشباب كنت قلت عاوز يقضيها لكن ده موارهوش غير شغله وبس واى واحدة تتمنى منه بس اشارة
شرد محمود ببصره فى المسبح أمامه لحظات فقالت سميرة وهى تلوح بكفها امامه رحت فين بكلمك
ظل محمود ينظر الى المسبح في شرود قائلا والله يا سميرة انا فى دماغى حاجة كدة لو نفعت يبقا ابنك ربنا بيحبه
قطبت سميرة حاجبيها فى اهتمام فنظر لها محمود واخبرها بما يفكر فيه فشهقت وهى تضع يدها على صدرها فى صدمة قائلة خواجاية يا محمود ده الحل اللى عندك عايز تجوز ابنك لواحدة لا عارفين هيا اتربت ازاى ولا على ايه
قاطعها محمود وهو يبسط كفيه أمامه لتهدأ قائلا اهدى شوية فيه ايه انتى لو شوفتيها مش هتصدقى انها اتربت فى فرنسا حجاب واخلاق وتربية ومسئولة ويعتمد عليها
رمقته سميرة بعدم تصديق وقالت مش عشان بنت صاحبك تجامله بابنك يا محمود
رد محمود فى عتاب اجامله فى ابنى طب ايه رأيك ان البنت اصلا كانت رافضة تشتغل مع ابنك ولحد دلوقتى متعرفش حاجة عن الموضوع اصلا
مررت سميرة يدها على وجهها فى نفاذ صبر وقالت انا مش فاهماك لزمته ايه اللف والدوران انا معنديش مانع اخد يوسف ونروح نشوفها مادام عاجباك
حك محمود ذقنه بسبابته فى تفكير انتى عارفة ان ابنك مش نافعة معاه الطريقة دى وبيروح معاكى تقضية واجب مش اكتر ابنك محتاج واحدة تحركه واحدة يعرفها من غير ما يكون مفروض عليه انه يعرفها يكتشفها هوا بنفسه من غير ضغط طريقتك فشلت معاه وانا متأكد ان لو حطيت البنت دى فى طريقه هتعجبه
ضيقت سميرة عينيها فى تفكير وقالت طب افرض انه رفض يشغلها ولا شغلها معجبوش انت لازم تكلمه وتوصيه
نهض محمود قائلا انا عايز الموضوع يمشى طبيعى ابنك لماح وهيا زيه بالظبط ونظر اليها نظرة ذات مغزى مضيفا بس ده ميمنعش من محاولة من بعيد من غير ما اخلف وعدى معاها
انهمك يوسف فى تركيز شديد على الحاسوب امامه فى مكتبه الفخم بمجموعة البدرى قبل ان يقطع تركيزه دخول محمود والده نهض يوسف فى سعادة مطلقا كل عبارات الترحيب في قاموس اللغة فأشار له والده ليجلس قائلا اقعد ياواد انت وبطل الشويتين اللى بتعملهم على امك دول انا ابوك ياواد فاهم
حك يوسف رأسه بكفه قائلا ليه بس كدة يا حاج هوا انا ليا غيركو
نظر محمود ليوسف لحظات تأمل فيها ملامحه المرهقة وقال بامتعاض كنت فين امبارح باليل يا يوسف واوعى تقول انك كنت فى شغل
اطرق يوسف برأسه ارضا وقال لا ياحاج مكنتش فى شغل
ابتسم محمود بزاوية فمه فى سخرية قائلا يعنى كالعادة كل ليلة فى كباريه شكل بتفضل تسكر لحد متبقاش قادر تقف على حيلك وترجع ع الشركة على ما تقدر تفوق الاول وبعدين ترجع البيت
مرر يوسف يديه فى شعره وقال دون ان ينظر الى ابيه يا حاج ما دام مفيش حاجة بتأثر على شغلى يبقى خلاص من حقى اعيش حياتى زى اى حد
ضړب والده كفيه ببعضهما قائلا هو انت ازاى عايش بالازدواجية دى بالنهار مثال للالتزام والاحترام وباليل بتتحول يا شيخ ده انت امك النهاردة بتقولى لو كان هلاس امال لو عرفت انك كل يوم مع واحدة شكل هتعمل ايه يا بنى ده انت عندك اخت اتقى الله
نهض يوسف قائلا في هدوء غريب كأنه يتحدث بالمنطق انا مبخدعش حد ولا بوعدهم بحاجة كل واحدة عارفة اخرها ايه وبتاخد المقابل وانا اه علاقاتى كتير بس موصلتش للغلط اللى فى دماغك
قال والده من بين اسنانه فى غيظ فهدوء ولده يذهب بضبط نفسه أدراج الرياح غلط كل ده ومفيش غلط ده مجرد وجودك مع واحدة غلط لو مسكت بس ايدها ده اكبر غلط وحرام انا نفسى اعرف انت بتعمل فى نفسك كدة ليه اطلع من اللى فات بقا يا يوسف
تحركت عضلة في جانب وجه يوسف أخبرت أبيه عن استياءه للتلويح بأمر يحاول تناسيه فاحتد قائلا بابا لو سمحت انا مش طفل واقدر تراجع والده فى صدمة من حدته فتنهد يوسف وقال فى اعتذار وهو يتنهد انا آسف يا بابا حقك عليا
اشاح محمود بوجهه للحظات ما كان عليه ان يذكر اى شىء
يخص ما مضى تماما تنهد