رواية كاملة بقلم الكاتبة بتول
من الغرفة وهو يشعر بالراحة لأنه استطاع أن ينال رضا والدته وفي الوقت نفسه لم يخسر زوجته التي أخبرته صراحة أنها سوف تتركه إذا تزوج من آية.
تذكر عمرو الحديث الذي دار بينه وبين مروة عندما أخبرها أن فادية تريد منه أن يقترن بأرملة أخيه
أنت اټجننت يا عمرو ولا جرالك حاجة في عقلك بقى عايز تتجوز عليا مرات أخوك وإحنا لسة جوازنا مكملش ست شهور!
اهدي بس يا مروة واسمعيني أرجوك ماما حلفت عليا لو رفضت أتجوز أرملة أخويا هتفضل ڠضبانة عليا ليوم الدين
وأنا مش هينفع أعصي أوامرها لأنها في الأول وفي الأخر تبقى أمي اللي ربتني وكلامها هيفضل دايما سيف على رقبتي.
على چثتي الكلام ده يحصل يا عمرو سمعت أنا قولت إيه مش أنا اللي أقبل بأن يكون ليا ضرة ولو أنت فضلت مصمم على رأيك يبقى تطلقني وكل واحد فينا يروح لحاله.
يا بنت الحلال اسمعيني بس وشوفي أنا هقول إيه.
ارتفع صوت مروة وازدادت حدة نبرتها وهي تصيح
مش عايزة أسمع منك أي كلمة زيادة وزي ما قولت ليك يا عمرو المأذون اللي هيكتب كتابك على آية هو نفسه اللي هيطلقني منك زي ما الشرع حلل ليك تتجوز أربعة أنا كمان ربنا أداني الحق أطلب الطلاق منك وأروح أتجوز من واحد تاني يقدرني وده لو أنا شايفة أن جوازتك عليا هتأذيني من الناحية المعنوية والنفسية.
الله يكرمك اهدي وسيبيني أكمل كلامي للأخر جوازي أنا وآية هيكون على الورق بس يعني مش هقرب منها نهائي لأنها هتفضل بالنسبة ليا مرات ياسين
الله يرحمه ومستحيل أعتبرها مراتي.
أشاحت مروة بوجهها حتى لا يرى دموعها التي أغرقت وجنتيها ولكنه أدار وجهها ونظر إلى عينيها بنظرات برهنت على عشقه لها وهذا ما أكده بقوله
همست مروة بحشرجة وهي ترمقه بعتاب
أنا مقدرش أشوفك متجوز واحدة تانية حتى لو كان جواز صوري زي ما أنت بتقول.
وربت على كتفها قائلا
ولا أنا أتحمل أن واحدة غيرك تبقى مراتي بس ڠصب عني أنا لو معملتش كده ماما هتغضب عليا وأنت أكيد مش هيرضيك أن ده يحصل.
أنا هوافق بس بشرط أنك مش هتبات عندها ولا يوم مهما حصل وكل اللي هتعمله في الأيام اللي المفروض تطلع فيها عند آية هو أنك هتستنى لما ماما تنام وبعدها تنزل عندي.
حاضر يا قلبي أنا هعمل كل اللي أنت عايزاه بس أرجوك متزعليش مني لأني مقدرش أشوفك زعلانة.
الفصل الثالث
دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ورأى عمرو أن هذه هي اللحظة المناسبة لكي يغادر شقه آية بعدما خلد الجميع للنوم وخاصة والدته التي لا يريدها أن تعلم أي شيء عن اتفاقه مع مروة.
خرج عمرو من الغرفة وسار بخطوات هادئة نحو باب الشقة ثم فتحه بهدوء وغادر دون أن يعلم أن آية قد رأته فقد سمعت صوت باب غرفته وهو يتم إغلاقه فخرجت من غرفتها وتأكدت مما كانت تشك به فهي تعرف مروة جيدا وتعلم أنها لم تكن ستترك عمرو يتزوج بامرأة أخرى إلا إذا كانت واثقة من أنه لن يقترب منها.
ضغطت آية على قبضة يدها بعدما كورتها وتمتمت پغضب ناتج عن شدة الغيظ الذي تشعر به في قلبها بسبب تلك الإهانة التي تعرضت لها بسبب مروة
ماشي يا عمرو اعمل اللي أنت عايزه بس أنا مش هسكت على عمايلك أنت والحلوة مراتك استنوا عليا وشوفوا أنا هعمل إيه وإزاي هاخد حقي بعد ما أهانتني النهاردة.
على الرغم من عدم حب آية لعمرو إلا أنها لن تتغاضي وتصمت عن تلك الصدمة التي شعرت بها عندما صرح عمرو أمامها بأن زواجهما سوف يكون مجرد حبر على ورق وأن نظرته لها لن تتغير وسوف يظل يراها دائمة أرملة ياسين ووالدة ابن شقيقه الراحل.
دلف عمرو إلى شقته وكما توقع فقد وجد مروة مستيقظة وتجلس في الصالة تنتظر حضوره حتى تتأكد من التزامه بالاتفاق الذي عقده معها وعدم حنثه بالقسم الذي قطعه أمامها.
ابتسم عمرو وهتف بنبرة مازحة وهو يجلس على أقرب كرسي موجود
أمامه
أظن كده أنت بقيتي مطمنة وواثقة في حبي ليك وأن آية بالنسبة ليا تبقى أرملة أخويا وعمري ما هبص ليها على أنها زوجة.
شعرت مروة بالسعادة الشديدة لأنها تأكدت أنه مهما حدث فلن تتمكن آية من سړقة زوجها ولكن هذا الأمر لا يعني أنها ستصمت وتتقبل فكرة وجود ضرة لها لأنها تعلم جيدا أن حماتها لا تحبها وسوف تسعى للتقريب بين آية وعمرو في الفترة المقبلة.
ذكاء مروة جعلها تدرك أن فادية التي تكرهها بشدة تحب آية كثيرا وتعتبرها مثل ابنتها وهذا يؤكد أنها سوف تبذل كل ما في وسعها حتى يتقبل عمرو فكرة زواجه منها.
نهضت مروة وتوجهت نحو زوجها وهي تسأله
تحب أعملك حاجة تاكلها يا حبيبي ولا هتدخل تنام
أجابها وهو ينهض ويتوجه نحو غرفة نومهما
لا أنا هدخل أنام لأني حاسس أني تعبان ومش شايف قدامي.
جلست مروة تفكر فيما سوف تفعله في الفترة المقبلة فهي قد أجبرت على تقبل زواج عمرو من آية لأنه لا يمكنها أن تطلب الطلاق فهي ليس لديها مكان تذهب إليه فوالدها قد توفى وهي في مرحلة الطفولة وبعد ۏفاته بفترة قصيرة تزوجت والدتها من رجل متسلط لم يكن يحبها وكان يعاملها بقسۏة ويتشاجر كثيرا مع والدتها بسببها وعندما تقدم عمرو لخطبتها شعرت بالسعادة لأنها ستتخلص من وجود زوج والدتها في حياتها والذي لن يقبل أبدا أن تعود إلى منزله مرة أخرى وهي مطلقة.
عادت هبة إلى منزلها بعدما تعافت وقد شعرت ببعض الراحة بعدما أوفى مالك بوعده لها ونشر التسجيل الذي يثبت براءتها على جميع وسائل التواصل الاجتماعي وبالفعل قد علم الجميع أنها بريئة ولكنها لا تزال تعاني من نظرات بعض الجيران الذين لا يزالون يشككون في أخلاقها ويخوضون في سمعتها وهذا الأمر جعلها تعقد العزم على بيع المنزل الذي تعيش فيه وتنتقل إلى مكان أخر بعيدا عن هؤلاء المزعجين الذين يقومون بمضايقتها.
نشرت هبة إعلان لبيع منزلها ولكنها لم تجد مشتري مناسب فجميع الذين اتصلوا بها بشأن الإعلان عرضوا عليها أسعار غير ملائمة للمنزل فهو يستحق أن يتم بيعه بمبلغ كبير نظرا لمساحته ولموقعه المتميز في المنطقة التي تعيش بها.
شعرت
هبة باليأس والإحباط وصرفت النظر عن فكرة بيع المنزل بعدما لم تجد من يعرض عليها سعرا مناسبا وقررت أنها سوف تتحدى الجميع وتواجه من يتحدث عنها بكلمة سيئة ولن تهرب أبدا بل ستدافع عن نفسها فهي لم ترتكب أي ذنب أو خطيئة تجعلها تهرب وتترك المنزل الذي نشأت به والذي يحتوي على جميع الذكريات التي عاشتها مع عائلتها.
هذا المنزل يجعلها تتذكر الكثير من اللحظات السعيدة وفي الوقت نفسه يجلب لرأسها الكثير من الذكريات التي تسعى لنسيانها ففي هذا المنزل رأت أحمد لأول مرة وتعرفت عليه.
حدث هذا الأمر قبل ثلاث سنوات بعدما ټوفي والدها ببضعة أشهر وكانت حينها تشعر بالصدمة وترفض خلع الملابس السوداء ولم تكن تتحدث مع أي شخص على الإطلاق وهذا الأمر جعل والدتها تشعر بالقلق وتخشى أن يصيب ابنتها نوبة اكتئاب حادة قد تؤدي بها إلى الاڼتحار مثلما حذرها الطبيب الذي قام بفحصها عندما امتنعت عن تناول الطعام.
استجابت أسماء إلى نصائح بعض الجيران الذين اقترحوا عليها أن تقوم بعمل بعض التغييرات في المنزل وتعديل الديكور العام معتقدة أن هذا التغيير سوف يجعل هبة تنسى تلك اللحظات التي تتذكرها كلما نظرت إلى كل مكان كان يجلس به والدها.
اتفقت أسماء مع أحد الأشخاص المختصين في هذا الأمر وبالفعل حضر هذا الشخص بعد بضعة أيام برفقة مجموعة من العمال الذين يعملون تحت إمرته وكان أحمد من بين هؤلاء الشباب والذي وقع في حب هبة من النظرة الأولى وسعى جاهدا لكي يتقرب منها.
وجهك جميل وعيناك ساحرتان ولا يلائمك الحزن فحورية مثلك قد خلقها الله حتى تنعم بالدلال على يد من يقدر قيمتها.
قال أحمد تلك الجملة أثناء فترة استراحته وهو ينظر إلى هبة التي كانت تجلس في ركن منعزل بعيدا عن الضوضاء التي يتسبب بها العمال أثناء العمل.
تملك الضيق من هبة ليس لأن أحمد يتعمد مغازلتها بكلمات رومانسية وباللغة العربية الفصحى مثلما يحدث في الروايات التي تقرأها بل لأنها بدأت تتأثر
بكلماته التي تدغدغ مشاعرها وصارت تجلس كل يوم وتنتظر سماع عبارات الغزل من أحمد الذي أنقذها من مستنقع الاكتئاب الذي كادت تسقط به لو ظهوره في حياتها.
محاولات أحمد وإصراره على التواصل مع هبة جعلها مع مرور الوقت تخرج من عزلتها وتبدأ في الاكتراث لأمره وقد تطور الأمر سريعا إلى أن وقعت في حبه وصارت لا تستطيع أن تعيش من دونه.
بدأ العام الدراسي الجديد واستأنفت هبة الدراسة في الجامعة وظلت علاقتها بأحمد مستمرة بل وأصبحت أقوى فهي صارت تتحدث معه عدة مرات في اليوم وكل ذلك كان يتم بدون علم والدتها.
ابتسمت هبة بشدة وهي تجلس برفقة مروة في كافتيريا الجامعة وذلك بعدما قرأت الرسالة التي أرسلها أحمد قبل لحظات قليلة وكان محتوى هذه الرسالة هو جملة يعبر فيها أحمد عن حبه الشديد لها حيث قال
عشقك موشوم ومقترن بروحي وملامح وجهك محفورة في عقلي لأنني عشقتك وانتهى الأمر وصار مفتاح قلبي بين يديك يا أميرتي الجميلة لا أتخيل أن يمر يومي دون أن أستمع إلى صوتك الذي يطرب قلبي ويجعلني قادرا على استكمال يومي وأنا أشعر بالسعادة لأنك بقربي.
رأت مروة الابتسامة المرتسمة على وجه هبة وهي تنظر إلى هاتفها فعلمت أنها تلقت رسالة من أحمد وهذا الأمر جعلها تشعر بالقلق على صديقتها الوحيدة.
لم يعد بإمكان