رواية كاملة بقلم منال سالم
ليقابله سرا. تنحنح مضيفا بنفس النبرة الهادئة الرزينة
أنا عارف إن رغد خدت الأمور بشكل شخصي زيادة عن اللزوم واتورطت في حاجات كتير غلط عشان ...
قاطعه أوس بجدية غليظة
مش محتاج تبررلي المدام عملت إيه خش في الموضوع على طول!
اعتدل في جلسته ليخفي توتره من أسلوبه الجاف في التعامل ليكمل بعدها بحذر
دلوقتي رغد معاها ورق جابته من المحامي مش في صالح أختك ليان.
قصدك قضية النسب والكلام اللي داير في الميديا
هز رأسه بالإيجاب وهو يرد
بالظبط.
طب ما أنا عارف إيه الجديد
رغد مش هترجع عن عنادها إلا لما تبوظ الدنيا وټأذي كل اللي حواليها
ابتسم في تهكم قائلا له بعدم اكتراث
أعلى ما خيلها تركبه أنا قادر عليها!
عقب عليه أكرم بجدية مغايرة لطبيعة الموقف الخطېر
تعجب أوس من ردة فعله المناقضة للمنطق فأردف متسائلا بوجه عابس ونظرات قاسېة
دي لعبة جديدة من ألاعيبها والمرادي إنت طرف فيها و....
قاطعه مبررا على الفور سبب إصراره على مساعدته
لأ يا أوس باشا أنا مش محتاج أكون جزء من مخططها الاڼتقامي ده كل اللي يهمني ولادي في النهاية وهي بتأذيهم بعمايلها.
عاوز تقنعني إن ضميرك صحى فجأة وجاي تقف في صفي
أجابه في هدوء عقلاني يناسب طبيعة الموقف
أنا مكونتش راضي من الأول على اللي في دماغها.
ارتخى أوس في جلسته على مقعده الوثير ظلت تعابيره الجامدة كما هي دون أدنى تغيير ثم تساءل في فضول حائر
مش غريبة إنك تيجي بنفسك هنا
أجابه بلا تفكير
توقع مني أعمل أي حاجة عشان أخليها تقف عند حدها وأحمي ولادي.
حتى لو كان هيخسركم حياتكم مع بعض
أجابه بعد تنهيدة بطيئة عكست فتور وسلبية الأوضاع بينهما
تقريبا الحياة منتهية بيني وبينها وأنا عاوز أبعد بولادي عن مشاكلها معاك اعمل اللي إنت عاوزه وطلعنا من حساباتك
وإيه اللي مخليك مفكر إني هاتعرضلك
أجابه محركا كتفيه
مافيش حاجة مضمونة بس أنا مستعد لأي حاجة تطلبها مني عشان تضمن صدق كلامي وولائي ليك
لم يكن ثمة علامة يستدل بها أكرم على موافقته من رفضه لكن صمته المريب حفزه إلى حد ما لترجيح كفة قبوله بعرضه المغري فاحتمالية دوام زيجته من رغد باتت أمرا مستحيلا ....................................... !!
كان مقصرا فيما يخصها لسبب وجيه حيث انشغل عنها بعائلته والمشاكل الجمة التي حاصرتها فلم يهتم جديا بحاډثها المأساوي بالرغم من إبلاغ رجله المراقب لها بآخر التطورات معها شعر بتأنيب الضمير لغفلته عنها وتراخيه في الإتيان بحقها ومع ذلك كان راضيا في قرارة نفسه عن تصرف ابن عمه المسئول معها. فقد أثبت له أنه تغير بالفعل ولم يعد الشاب المستهتر غير العابئ بهموم الآخرين وعلى الرغم من ضغطه المتعمد له مؤخرا ودفعه لحافة الجنون لإثناءه عن حبه العفيف لها إلا أنه نجح ببراعة في اختباره وعاد ليثبت من جديد شدة تمسكه بها نافيا عنه تهمة العبثية. حضر أوس لزيارة مريضته المراهقة دون ترتيب مسبق في المشفى الخاص الماكثة به كانت غافلة ومستسلمة لإغراء النوم الدافئ فتحت هالة عينيها بثقل لتتفاجأ بوجوده على رأس فراشها يتطلع إليها في صمت جاد اتسعت حدقتاها مرددة پصدمة متوترة
إنت!
ثم تداركت نفسها معتذرة على الفور عن قلة ذوقها في مناداته دون إبداء أي احترام لشخصه المهيب
أنا أسفة!
تغاضى أوس عن زلتها المصډومة ليستقيم في وقفته الشامخة قائلا لها
عاملة إيه يا هالة
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وهي ترد بارتباك
الحمدلله.. أحسن شوية
تنحنح متابعا بلهجته الجادة
اعذريني.. كنت مشغول عنك الفترة اللي فاتت.
همست بحرج
م.. مافيش مشكلة.
أشار لها بكف يده متعهدا
مش عاوزك تقلقي من حاجة أنا بنفسي هاجيبلك حقك من الكلب ال ..... منسي
تقلص وجهها في غير رضا لمجرد ذكره لاسم ذلك الخسيس النجس لاحظ التبدل العابس في ملامحها وارتخاء نظراتها لذا أضاف عن قوة ليبث لها إحساس الاطمئنان
مش معنى إنه اتسجن بقى خلاص بعيد عن عيوني!
أشعرتها طريقته الجادة في الحديث بقليل من الخۏف ليس منه ولكن مما سيحدث لاحقا سيطرت على رهبتها التي باتت ملموسة أكثر في نظراتها إليه وفي عدم انتظام أنفاسها وهو يوعدها
قريب هترتاحي منه نهائي!
هزت رأسها في استسلام كامل وكأنها تعلن بذلك عن رضائها التام لما ينتوي فعله مستقبلا شحب وجهها فجأة حينما باغتها بسؤاله المباشر
يامن بيضايقك
بههت ولم تعرف بماذا تجيبه في البداية تخشبت في مكانها وحدقت فيه بعينين متسعتين في ذهول حرج لسؤاله الخالي من التمهيدات شعرت بخفقة قوية ټضرب قلبها مع حصاره لها بنظراته المتفرسة وكأنها أصبحت أسيرة لجهاز كشف الكذب اعتراها ارتباك مضاعف فتلعثمت وهي تسعى لاختلاق رد
مقنع
لأ.. هو .. أقصد يعني.. كان بيطمن عليا و..
رفع كفه مشيرا لها لتكف عن الكلام قبل أن يعلق عليها
خلاص فهمت.
أطبقت على شفتيها بقوة لتخفي ربكتها المحرجة منه أحست بسخونية تنبعث من بشرتها لتزيد من إحراجها أمامه تحاشت النظر نحوه وأطرقت رأسها للأسفل لتركز بصرها على أناملها التي تفركها معا. كان أوس من الفطنة ليدرك ذلك التوتر الخجل الذي أصابها بدا ابن عمه محقا في وجود بذرة لمشاعر نقية بينهما حتى وإن أنكرت هي ذلك وادعت العكس لكن لا ينفي ذلك ميلها إليه أولاها ظهره يأمرها بلطافة
عاوزك تاخدي بالك من نفسك تمام
ردت بصوت أقرب إلى الهمس
حاضر.
أضاف أخيرا قبل أن يتجه إلى باب غرفتها
أنا هتابع مع الدكتور حالتك ومتقلقيش .. كل اللي حصل ده عندي وهصلحه بطريقتي!
تعقدت تعبيراتها غير مستوعبة ما يرمي إليه ومع ذلك لم تجرؤ على سؤاله اكتفت بنظرات حذرة نحوه ودعها بجمود معتاد منه
سلام يا هالة.
ردت عليه بنبرتها الخفيضة
مع السلامة يا باشا.
انصرف بعدها ليتركها في حيرتها وتوترها وضعت هالة كفيها على وجنتيها لتتلمس بشرتها الدافئة سحبت نفسا عميقا لتستعيد به انتظام خفقات قلبها لم تتخيل أنها سترتبك هكذا في حضرته لمجرد سؤال عابر تساءلت مع نفسها في قلق وكأنها تستنكر احتمالية تعلقها بذلك الشاب
هو أنا إيه اللي بيحصلي بس
قادته أطراف الخيط التي جمعها مؤخرا من زيارات شبه منتظمة لزوجة أبيه في السچن ولقاءات غريبة مع ذلك السجين الذي حمل لقب نصف رجل إلى شخص بعينه هو من تولى مهمة تصريف المسائل القانونية وفقا لأهواء تلك الحقود ومن أجل منافع شخصية. ومع زيارة أكرم المفاجئة له أصبحت ظنونه حقيقة ملموسة غير قابلة للتشكيك. اقتحم أوس مكتبه للمحاماة وبصحبته عدد لا بأس به من أفراد حراسته الخاصة ليتحول المكان إلى محبس شديد الحراسة. هب نصيف واقفا فور أن رأه بهيبته الخاطفة للأنفاس ادعى الثبات مرحبا به بود زائد ليخفي خوفه منه
باشا مش كنت تقول إن سيادتك جاي كنت ...
قاطعه مشيرا بنظراته القاسېة
ابلع لسانك بلاش نفاق!
تجمد في مكانه مجبرا قدميه على الوقوف ثم ازدرد ريقه ونظر له في ړعب مسبب فرقع أوس بأصابعه لأفراد حراسته لينصرفوا من مكتبه ومع انسحاب آخر فرد قام بغلق الباب خلفه. زاد توتر نصيف وشعر باضطراب أنفاسه تنفس بعمق وتصنع الابتسام ليقول ببسمته اللزجة كمحاولة يائسة لاتقاء شره
شرف عظيم إن معاليك تنور مكتبي.
نظر له شزرا قبل أن يسأله بلهجة جافة لا تحمل ودا وليوقف محاولاته المهترئة لإدعاء صداقة وألفة لا توجد من الأساس
ليك يد في موضوع ليان أختي
باغته بسؤاله الصريح فتخشب جسده وتوترت عروقه النابضة صاح به أوس من جديد بقوة أكبر لترتجف أطرافه
رد عليا إنت ليك يد في اللي بيحصل مع ليان
وقبل أن ينطق حذره بشراسة
خد بالك لو هتكدب عليا مش هارحمك!
رد على الفور ومدعيا بالكذب
يا باشا ده خير المرحوم د. مهاب عليا تفتكر أنا ممكن أعمل حاجة تضر ولاده
غامت نظرات أوس في عدم اقتناع تابع مراوغته بازدراء محتقر ظن نصيف أن صمته المفاجئ دليل شبه مطمئن على احتمالية تصديقه لذا استجمع شجاعته الزائف ليكمل بروية
وبعدين سعادتك أنا بعيد كل البعد عن أي حاجة تمس عيلتك ولو سيادتك تسمح أنا ممكن أتدخل في الشق القانوني وأجيب حق ليان هانم وأخرسلك كل الألسنة اللي اتكلمت عنها و..
عاد ليصيح به مقاطعا إياه في غلظة
بلاش ألاعيب الحاوي دي معايا الوحيد اللي كان عارف بالورق إياه هو إنت وبابا مكانش بيثق في حد أد ما كان بيثق فيك!
تنحنح قائلا بنبرة شبه مرتبكة
وأنا.. استحالة أخون الثقة دي.
سأله أوس مباشرة بعينين ناريتين
رغد عرفت منين إن ليان مش بنته
اهتز صوته قائلا
م.. معرفش!
رمقه بنظرة تحمل شړا مضاعفا وهو يرد عليه بكلمات موحية بالټهديد
الظاهر إنك محتاج تفكر كويس قبل ما تجاوبني!
ثم تركه في مكانه متسمرا في حالة ذهول ممتزجة بالقلق والخۏف ليتجه نحو باب الغرفة وقف عند الأعتاب وأشار بيده لحراسته ليلجوا إلى الداخل وهم يجرون أحدهم مطأطأ الرأس وفي حالة يرثى لها ألقي الرجل عند قدمي المحامي نصيف ليطالعه في فزع مرتعد تساءل بصوت دب فيه الخۏف
مين ده
أجابه أوس بابتسامة شريرة كان قد تناساها منذ برهة
ده واحد من اللي أذوا أختي اتروق عليه وإنت هتحصله قريب.
ارتعش رهبة منه وارتد خطوة للوراء لينأى بنفسه من بطشه هتف بصوته المرتجف وهو يتصبب عرقا غزيرا باردا
يا باشا.. أنا ..
قفز قلبه في قدميه ړعبا وقد صاح به أوس
إنت محتاج تفكر كويس وأنا عندي المكان المناسب ليك.
وقبل أن يستوعب عقله ما ينتوي فعله به قبض رجلان من أفراد حراسته عليه ليقيدا حركته توسله بفزع وهو يقاومهما
يا أوس باشا ده أنا راجلكم من زمان مايصحش اللي بتعمله فيا حتى اعمل خاطر للمرحوم والدك الدكتور مهاب!
تجاهل استجدائه السخيف وقف قبالته يحدجه بنظرة مرعبة مال نحوه ليهمس له بصوت مخيف
وأنا غير أبويا..
مابرحمش!
ثم انتصب في وقفته آمرا رجاله
خدوه من هنا!
صړخ نصيف مستغيثا ومهددا في نفس الآن
أنا ماينفعش يتعمل معايا كده أنا محامي ليا لي وضعي مش هاسكت عن المهزلة دي!
اقتاده فردي الحراسة إلى الخارج وكأنه مسجون حكم عليه بالإعدام ليتبعه آخران يجران الرجل المسجي على وجه تبعتهما نظرات أوس القاتمة دون إظهار أي تعاطف معهما لم يأبه بصړاخ نصيف المحتج الذي قد يثير الشبهات ويلفت الأنظار إليه فجل اهتمامه هو معاقبة من تسببوا في أذية أخته الصغرى حتى لو كلفه الأمر الكثير.
........................................................
ظنت أنه سيتخلف عن الذهاب معها خلال متابعتها الدورية لفترة حملها خاصة حينما لم يعد إلى فيلته ولم يجب على اتصالاتها المتكررة له هو أعطاها هاتفا