رواية رائعة بقلم رحمة سيد
لو سبتيني تاني مش هسامحك والله... قومي بقااا طب انا مسمحاكي خلاص بس قومي يلا نمشي
وحينما كانت على عتبة الباب صړخت صړخة متحشرجة كانت بمثابة صاعق لعقلها المتجمد المصډوم الرافض للتصديق ولأول مرة تناديها
يا ماااامااا قومييي والنبي
كان قلب بدر يلتوي ألما على صغيرته التي اتضح أنها عكس ما تتظاهر تماما....
بينما أيسل كانت تسير بصمت ودموعها تتسرب لتروي وجهها الشاحب كم تمنت أن تناديها ب أمي وهي على قيد الحياة... كم تمنت .. أن تسرح لها خصلاتها وتدلكها لها قبل أن تنام... أن تعنفها حينما تخطئ وتجبرها على فعل اشياء لا تحبها فقط لمصلحتها هي وليس العكس... لم تتمنى الكثير هي فقط تمنت حياة طبيعية !!...
فتح يونس عيناه ببطء يتململ في نومته فمد يده بتلقائية للفراش جواره ليجده بارد وفارغ.. فهب منتصبا من الفراش بفزع وكأن كابوس رحيلها عاوده من جديد...
ونهض راكضا نحو المرحاض ينادي بأسمها في هلع واضح
ليااااال... ليااال انتي فين
فخرجت ليال من المرحاض تجيب بسرعة
وما إن رآها جذبها متنهدا بقوة يدفنها بين ذراعيه... رحيلها أصبح هاجسه.. فكلما إختفت عن ناظريه سيشعر بشبح الفراق يلوح له من بعيد...!!!
فهمست ليال مشدوهه بعدم فهم
مالك يا يونس!
فابتعد يونس يمسك وجهها بين يداه متفحصا كل إنش بوجهها وسوداوتاه تعكس لها بذور الخۏف من الفقدان التي زرعت داخله وأي تهور صغير منها سيسقي تلك البذور لتنمو اكثر فأكثر...!
اوعي تفكري تبعدي عني ابدا
فهزت الاخرى رأسها نافية وقد استدركت خوفه لتحيط وجهه بيدها الناعمة متحسسة ذقنه النامية وهي تهمس له بكل جوارحها مؤكدة
مقدرش أعمل كده يا يونس أنت روحي.. هو في حد بيقدر يبعد عن روحه!
فأمسك هو بيدها وقد بددت هي ذلك الشعور المقيت الذي تضخم داخله ثم رفع عيناه لعيناها البنية التي اكتشف أنه يحب النظر لهما طويلا.. طويلا جدا....
وهي... هي كانت كمن تلقى ترياق للعودة للحياة بعدما ماټ فبعثها هو من جديد... بعشقه الذي أزهر زهور الذابلة... وبدأ يدفئ البرودة الثلجية الفاقدة للحنان والحب داخلها....!!
يووونس مش هينفع.. انا عايزه أروح لبابا
حينها ابتعد يونس وكلمتها جمدته مكانه ليبتعد قليلا ثم سألها بعدم فهم مستنكرا
تروحي لبابا !! تروحيله فين
فابتلعت ريقها وهي تزيح خصلاتها التي تشعثت بسبب يداه العابثة ثم هتفت بهدوء تخبره بما شغل بالها منذ عودتهم
أنا قررت أتنازل عن القضية وأخرجه
نعم !! ومين قالك إني هخليكي تعملي كده انا اللي رافع القضية ومش هتنازل
زمجر بها يونس بعصبية وقد عاد ذلك الڠضب يتأجج داخله كلما تذكر اليوم العصيب الذي عاشه بسبب والدها المړيض..!
لترد هي بجدية صلبة
وأنا اللي إتخطفت وهعمل كده ده ابويا.. راح ولا جه أبويا ومقدرش أحبسه حتى شهر فما بالك ب سنين !!
ليمسك يونس بذراعها يضغط عليه دون أن يشعر ثم استطرد وقد فاح الألم من نبرته وكأنه يعيش تلك الليلة من جديد... بكل هواجسها و عجزها...!
طب وانا عادي اللي عمله وخلاني أعيشه عادي يمر يوم كامل معرفش انتي فين هجرتيني فعلا زي ما كان عايز يقنعني ولا لا واسأل نفسي طب لو هجرتيني عملتي كده ليه طب لو معملتيش كده يبقى اتخطفتي! طب مين اللي خطڤك وخطڤك ليه يا ترى حد بيكرهني وعايز يأذيني فيكي ولا حد عايز فلوس ولا حد اصلا وقعتي تحت ايده صدفة وطمعان فيكي وھيأذيكي!!
ثم تركها ليعطيها ظهره وهو يهز رأسه نافيا معلنا عدم تخليه عن ثأره
لأ لأ يا ليال اللي عيشته ده مش هيعدي بسهولة وبعدين يمكن لو طلع اصلا يفكر ياخدك تاني او يأذيكي او حتى يأذي بابا !!
فاقتربت منه ليال ببطء... تدرك جيدا ما عاناه وعقلها يؤيده بكل ذرة به ولكن
قلبها... ذلك القلب المتأصلة فيه الفطرة... يأبى أن يفعل ذلك بوالدها مهما فعل او سيفعل!
افهمني يا يونس.. انا عارفة وفاهمة كويس اوي اللي بتقوله لكن ڠصب عني حتى لو عقلي مقتنع باللي بتقوله بس ده ابويا مش هرتاح ابدا وانا عارفة إنه مسجون بسببي!!
ساعدني عشان أرتاح يا حبيبي
فتنهد يونس بعمق وقد نجحت في سبر اغواره ليستدير لها ببطء..
يسألها للمرة الاخيرة ولم ينكر تمنيه أن تنفي
انتي متأكدة إنك عايزه تعملي كده وهترتاحي لما تعملي كده يا ليال
فأومأت ليال مؤكدة بابتسامة خاڤتة
جدا جدا
حينها بادلها يونس تلك الابتسامة الحانية
خلاص يا حبيبي وانا معاكي طالما ده اللي هيريحك.
.....................................................
بعد فترة... في مركز الشرطة.....
تنازلت ليال بالفعل عن المحضر ضد