رواية رائعة بقلم رحمة سيد
والدها تنفست بعمق... هكذا تشعر أن مارد الفطرة قد استكان مغادرا إياها بعدما نفذت ما أمرتها به فطرتها..!
خرج والدها من الحبس مع العسكري وما إن رأى ليال ويونس حتى تجهمت ملامحه ليقول والغيظ ينضح من نبرته
جايين تشمتوا فيا
ثم نظر ل ليال متابعا بازدراد
وانتي انتي إيه بنت حرام بتسجني ابوكي خسارة فيكي لقمة طفح اديتهالك وانتي صغيرة حتى
شوفتي رجعت ريما لعادتها القديمة اللي فيه طبع مابيغيروش ابدا يا ليال
قاطعهم صوت الضابط الذي خرج هادئا جادا بنبرة دبلوماسية وهو يخبر حامد
الاستاذ يونس ومدامته اتنازلوا عن المحضر يا حامد
لم يستطع حامد السيطرة على أصابع الدهشة التي امتدت لتعبث بملامحه التي كانت مزدردة قاسېة لتصبح مدهوشة متصنمة...!
يلا يا حامد تعالى امضي عشان تخرج
تحت امرك يا باشا
وبالفعل اقترب حامد بلهفة ينهي اجراءات خروجه تحت أنظار ليال الساكنة ويونس الغاضبة....
وما إن انتهى وخرجوا امام المركز وقفت ليال امام والدها بهدوء وجمود تام تخبره
أتمنى إنك تخرج من حياتي نهائيا وتنسى إنك خلفت بنت في يوم من الأيام
انا اصلا مش عايزك يا بنت زينب وفعلا معنديش بنات!
ثم ألقى نظرة متهكمة تجاه يونس قبل أن يتابع
بس لما المحروس يندمك مترجعيش ټعيطي
ثم استدار ليغادر دون أن ينتظر اكثر لتتنهد ليال وكأنه ينفي بصمت المغزى الذي ألقاه والدها بوجهها....
وصل كلا من بدر وأيسل البلد من جديد ولكن شتان ما بين حالهم وهم ذاهبون وحالهم وهم عائدون...!
ألقى بدر نظرة تجاه أيسل المېتة وهي على قيد الحياة رباااه... وكأنها ذهبت بروحها لتتركها هناك ثم عادت مجرد صنم فقط لا يمت للانسانية بصلة..!!!
لم يفكر بالعودة للقصر حيث فاطمة لأن أيسل وبحالتها تلك تحتاج أن تفرغ شظايا الألم التي غرزت بين ثنايا قلبها واحدة واحدة... وهو متأكد أنها لن تفعل مع فاطمة... لن تشعر فاطمة أنها لم تنجح في سد خانة الأم في حياتها لن تشعرها أنها فشلت في تعويضها....
نزل من السيارة ليفتح الباب لأيسل ممسكا بها وهو يهمس بحنان
يلا يا حبيبتي وصلنا
نزلت معه أيسل دون أن تنطق بحرف ودلفوا للمنزل ليجدوا الجميع جالسين على السفرة يتناولون عشائهم وبالطبع تعجب عيونهم من حالة أيسل الباهتة المدمرة....
في إيه مالك يا أيسل
لم ترد أيسل وإنما نظرت لها بتلك النظرة الخاوية الباردة المقتولة التي تحكي ألف قصة وقصة ليجيب بدر بصوت آسف بدلا منها
للاسف والدتها الحقيقية اټوفت النهارده وقدامنا
شهقت ليال تضع يدها على فاهها لتكتم شهقتها وقد أدركت الفجوة المؤلمة التي استوطنت روح أيسل ..
البقاء لله يا أيسل ربنا يرحمها ويغفرلها يارب ادعيلها كتيير هي دلوقتي محتاجة دعائك بس
اومأت أيسل برأسها ليتقدم منها يونس وقاسم ويهتفا
البقاء لله ربنا يرحمها يارب
فهزت رأسها بلامبالاة متمتمة بصوت شاحب خرج بصعوبة
ونعم بالله يارب
ثم تحركت دون أن تنطق بالمزيد او تنتظر
بعد اذنكم
...................................................
صعدت لغرفتها هي وبدر يتبعها بدر الذي لحق بها بسرعة ليجدها تدلف الغرفة لترمي الچاكيت الذي كانت ترتديه فوق ثوبها.. ثم وقفت بهدوء خاوي تتنفس بصوت مسموع..
يرسل لها رسالة صامتة أنه هنا.... معها ولن يتركها... أنه سيكون لها الملاذ لو ضاقت بها الدنيا... سيكون لها الدفئ لو شعرت بالبرودة تجتاحها !!...
فوضعت هي يدها على ذراعه لتقول بابتسامة مهزوزة تخفي ادراجها الكثير والكثير
انا كويسة يا بدر متقلقش
لم ينطق بدر بل ظل يربت على كتفاها بصمت وعيناه على وصال بعيناها من خلال المرآة... وكأنه يهبها القوة لتفصح بما يعج بداخلها وتخرج تلك الصرخات التي يشعر بها تهز ضلوعها پعنف لتطلق سراحها....!!
فتابعت ايسل بينما تتمسك بتلك الابتسامة المهزوزة تحاول رسم الثبات وقد فضحتها نبرة صوتها المرتعشة
انا مش زعلانة هزعل ليه اصلا وهي عملت كل حاجة تخليني مزعلش عليها هي ماعملتليش اي حاجة حلوة اتحسر عليها ف انا مش زعلانة بجد.. انا اصلا كنت عايزاهم يخرجوا من حياتي
انا اټصدمت شوية بس لكن مش هزعل عليها لأ
فأدارها بدر له ليثبتها امامه محيطا اياها وهو يخبرها بحزم
العيب مش إنك تزعلي عليها يا أيسل
حتى لو هي كانت وحشة العيب إنك تنكري زعلك عليها حتى لو هي وحشة.. دي مامتك
محدش فينا بيختار أمه وأبوه يا أيسل
كانت أيسل تهرب بعيناها منه...ا محاولة منع البكاء الذي بدأ يهاجم ليرفع بدر وجهها متمتما بحنان كان المفتاح لكل ما تحاول إخفاؤوه وكتمانه
عيطي يا أيسل... عيطي ماتكتميش عياطك عيطي عشان ترتاحي يا حبيبتي
حينها تفجر ذلك الكتمان لتشهق باكية باڼهيار كان