السبت 23 نوفمبر 2024

رواية فردوس الشياطين بقلم الكاتبة مريم غريب

انت في الصفحة 1 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز

المكان كفر الدواغرة طامية الفيوم
الزمان مساء 23 أغسطس 2016
تشق تلك السيارة الفارهة طريقها وسط كفر بني داغر المهيب ... أو الذي كان مهيبا
قبل إنتشار الفوضى و الإنفلات الأمني و تفشى جرائم القټل و السړقة و قطع الطرق و كل هذا لأسباب مجهولة
توالت الحوادث الواحدة تلو الأخرى و من كثرتها حفظت بالملفات بقسم الشرطة و لم يهتم أحد بالتقصى خلف الدلائل أو تتبع المچرم لأنه كما يبدو ليس مچرم واحدا بل أنهم مجموعة مچرمون

و في ظل هذه الأجواء المكهربة ضاعت شخصية و هيبة العمدة بعد هيبة الشرطة بالإضافة إلى الانفلات الأخلاقى و أصبح الجميع دون انكسار و كثرت المشاكل
خاصة الٹأرية التى تنتهى بضحايا كثيرة حيث كان لبعض الأجهزة الأمنية دور كبير فى هذه المشاكل بالإضافة إلى البلطجة و الاستيلاء على الأراضى ... إلخ
تتوقف السيارة السوداء بعيدا عن دوار العمدة بقليل فلا تميزها من شدة الحلكة بالمكان ..
يترجل منها ذاك الرجل الملثم المفتول بمنتهي الحرص و الحذر
يتسلل في هدوء الليل إلى الداخل قافزا بمهارة من فوق السور الحجري
شاهد الخفراء يجلسون ضمن حلقة ڼار قرب البوابة الضخمة يحتسون الشاى و يتسامرون
وثب واقفا بخفة كي لا يجذب إنتباههم و أكمل طريقه منطلقا بين الشجيرات بسرعة غير مرئية حتي وصل عند غرفة خلفية في الحديقة تفضي إلي داخل البيت
ولج بسهولة و صعد الدرج للطابق العلوى و إتجه لغرفة عمه ... منصور الداغر عمدة كفر الدواغرة
أمسك بمقبض الباب و أداره ثم دفعه بهدوء و دخل و أغلق من خلفه بالمفتاح ...
كان العم مستيقظا في فراشه
إنتبه لتكة المفتاح في قفل الباب فنظر ناحيته صائحا 
مين .. كان صوته متحشرجا
أنا ! .. قالها الرجل و هو يخلع شماغة وجهه
العم و هو يدقق النظر عبر الظلام 
إنت مين ! .. و أشعل ضؤ الأباچورة بجانبه
سفيان !! .. هتف العم بدهشة
ليبتسم سفيان إبتسامة ودية و هو يقول 
أيوه يا عمي أنا سفيان .. كويس و الله إنك لسا فاكرني
العم و هو يكفكف دموعه في كم جلبابه 
طبعا فاكرك يابني . معقول هنساك !
ده أني كنت مستنيك أصلا . إتأخرت أوي كده ليه إنت مادرتش بإللي حصل 
يتقدم سفيان من سريره و هو يقول ببرودة أعصاب 
دريت .. دريت يا عمي
البقاء لله
كان جسد العم هزيلا و وجهه مترهل تملأه التجعيدات تغير كثيرا عن أخر مرة قابله سفيان .. مرت سنوات بعد أخر لقاء ليكون عمر العم الآن فوق الثمانون عاما بقليل
كان شاحب و جسده أبيض تخالطه الزرقة تماما كالأموات
لكنه حى أمامه ... جسد فقط بلا روح
كسرولي ضهري يا سفيان .. قالها العم بصوت كالأنين و هطلت دموعه من جديد
إلتوى ثغر سفيان بإبتسامة هازئة و قال 
هما مين دول يا عمي
إنت عرفت مين إللي قتل ولادك 
العم و هو يبكي بحړقة 
لأ لسا يابني . بس هعرفه . و رحمة الغاليين لأعرفه و ساعتها هاجيبه هنا قدام البلد كلهو الله لو كان أخر يوم في عمري لأعمل كده
يضحك سفيان ضحكة مجلجلة ثم يقول ساخرا 
مافتكرش يا عمي .. مافتكرش هتقدر تعمل كده
توقف العم عن البكاء و نظر إلي إبن أخيه متسائلا بدهشة 
إنت بتضحك علي إيه يا وله و بعدين قصدك إيه 
مش هقدر ليه يعني !
سفيان أنا آسف شكلي إستخدمت تعبير مش واضح
نخليها مش هتلحق !
العم و مش هلحق ليه يابني !!
حني سفيان رأسه قليلا و أتت نبرته مغناة تطير في الغرفة كالريشة 
لأني ھقتلك .. أه ھقتلك دلوقتي يا عمي
جحظت عينا الأخير و هو يقول پصدمة 
إنت . جاي عايز تقتلني 
سفيان بإبتسامته الشيطانية إسم الله عليك . أيوه يا عمي أنا جاي عشان أقتلك
و أقولك الكبيرة كمان أنا إللي قټلت ولادك . ياسر و بدر و خيري .. أنا إللي عملت القلق في البلد و قومتها عشان ماخليش دليل ورايا و بعدين بعتلهم ناس محترفين مخصوص عشان علي حياة عينك و يحرقوا قلبك عليهم
العم پصدمة مضاعفة 
إنت .. إنت إللي ليه 
سفيان و قد إكتسح الڠضب ملامحه و نبرات صوته 
هو إيه إللي ليه إنت نسيت إنت عملت إيه 
نسيت عملت إيه فيا و في أبويا و أمي و أخواتي يا عمي ده أنا صممت أخلي حسابك إنت للأخر عشان أدوقك من نفس الكاس و أعيشك يومين غم قبل ما أبعتك لربنا هو بقي يكمل بقيت حسابك
العم بإنفعال حساب إيه يا وله ده أني إللي هقطع خبرك و آا .
بس إهدا علي نفسك شوية ! .. قاطعه سفيان بصرامة و أكمل بخبث 
ماتتعصبش أوي كده . أنا محتاج أوي لتركيزك الشوية الفاضلين دول .. و ھجم عليه ممسكا به
هم العم بالصړاخ فكمم سفيان فمه و أنهضه من فراشه ملقيا به علي كتفه ... وضعه علي الكرسي المتحرك الذي وجد بجوار السرير
قيد يديه خلف ظهر الكرسي و أحضر منشفة صغيرة و حشرها بفم العجوز العصبي ليسكت صراخه المزعج ..
إعتدل في

انت في الصفحة 1 من 19 صفحات