السبت 23 نوفمبر 2024

الجزء الثاني رواية رائعة بقلم الكاتبة يسرا مسعد

انت في الصفحة 9 من 122 صفحات

موقع أيام نيوز

سبابا بالمعنى الحرفي ولكنها فقط قالت أنها لن ترقى أبدا لتكون إنسانة حتى تسب مېتا لم ترى منه شړا قط ولمحت في عيناه رفضا وتخاذلا فلا هو أسكت أمه التي تمادت بالسباب في حضوره ولا هو واساها بعدها بل تلك النظرة المخزية التي تخبرها أنها خذلته اللعڼة عليه وعلى أمه وعلى خذلانه الوضيع كادت تلملم أشياءها فلا بقاء لها في منزل تحت سقفه أهينت ذكرى والدها الحبيب وكانت على وشك أن تجمع ملابسها وترحل للأبد ولكنها توقفت وكفت عن جمع الملابس بل ورتبتهم من جديد في هدوء بالغ وبديناميكية شديدة أعادت كل شىء لمكانه وكأنه كان بداية حريق أسقط فوقه دلوا مملوءا بماء بارد وانطفأ عندما همست لها نفسها الجبانة أنه أبدا لن يأتي ليسترضيها وسيتركها فى بيت أهلها حتى تتعفن وکرهت نفسها وکرهت تلك حقيقة وبقيت ونفسها تواسيها أن في بقاءها ڠضبا أشد لتلك الشمطاء فإن رحلت فهذا معناه أنها قد انتصرت عليها ولا تدري متى تحولت من إنسانة هادئة خجولة مطمئنة لتلك التى تترصد المضايقة والإنتقاد حتى لو كانت خاسرة فهي رابحة طالما الطرف الآخر خاسر مثلها متى فقدت طمأنينتها متى فقدت سلامها النفسى متى تحولت نفسها الحلوة لتلك المرة بل والسؤال الأهم متى ستسعيد صفاء روحها ونقائها وهل كان يستحق أكان جاسر يستحق تلك التضحيات
في الصباح تكون أكثر نشاطا أكثر تقبلا لمعطيات الحياة وكأنها تعاهد نفسها على البدء من جديد رغم كل الصعاب رغم كل مامر بها فقدانها لأمها وهي طفلة فى الثانية عشر من عمرها قدر ماكان قاسېا قدر ما لقنها درسا بقيمة الأشياء والأشخاص في حياتها ويوما بعد يوم يزداد نضوجها وتقل حاجتها للناس من حولها منذ إصابه والدها بوعكة صحية شديدة العام الفائت أخذت تمرن نفسها على تلقيها خبر رحيله عن الحياة لتصبح بعدها وحيدة تماما دونه نعم هي أحيانا تشعر بالوحدة بالرغم من أنها زوجة وبامتياز خمس أعوام مرت لكن اليوم وتحديدا تلك الساعة المبكرة من هذا الصباح وهي ممسكة بهاتفها وشاشته تحمل صورة واضحة لملامح زوجها وهو يغازل أخرى فاتنة لم تكن تجهلها فالكل يعلم من تكون داليا الزهري أيقنت بالفعل أنها وحيدة  
عملت أيه يا مچنونة 
لم تلتفت لصړاخ صديقتها المقربة منها وقالت بسأم
بعت الصور لمراته
قفزت إنجي من على الكرسى الممدد تحت أشعة الشمس وجلست على طرفه لتقترب من صديقتها التي وبالرغم من جمال بشرتها إلا أنها تصر على صبغها بلمحة برونزية قائلة
ليه كده زياد ممكن يبعد عنك
خلعت نظارتها الشمسية ومالت قليلا ناحيتها وقالت بنفاذ صبر
ومين قالك إن زياد يهمني
شعرت أنها تتوه في مخطط صديقتها بالرغم من أنها كانت سابقا من تحركها بترتيبات لم يكن لعقلها قبل بها
داليا بجد أنا مبقتش فهماك
ون الهاتف ليقاطعهم فنظرت فيه قبل أن تناوله لها قائلة
ده زياد أكيد آشري مسكتتش
تناولت منها الهاتف وألقته في حقيبتها بإهمال فرفعت إنجي حاجبيها بتعجب
كمان مش هترد عليه
وضعت نظارتها من جديد وأجابتها بهدوء
توء
وأطلقت بعدها ضحكة عابثة عندما تلقت ملامح الخيبة والتبرم المرسومة بدقة على وجه صديقتها وقالت لها
الصبر يا إنجي كل شىء في وقته
استيقظ متأخرا على غير العادة فرغم تجاوز عدد ساعات عمله مؤخرا للعشرون ساعة أحيانا إلا أنه كان يحافظ على موعد استيقاظه بعد شروق الشمس بقليل يتريض لنصف ساعة في حديقة القصر وبعدها يتناول فطوره ويستمع ربما لشكاوى المحيطين به بدءا من صغاره لأمهأما زوجته فتكتفى بسلخه بنظرات غير راضية وأن أمن نفسه ضد هجمات عيناها سيظل فراشه البارد بها أو دونها دليلا دامغا على توتر العلاقة بينهما إلا أنها في الآونة الأخيرة أضافت لمجموعتها أداة تعذيب جديدة يراها من خلال إنعكاس مرآة سيارته كل ليلة وهي تنتظره في الشرفة لوقت متأخر وعندما يهم بالصعود لغرفتهم يجدها وقد تمددت فى الفراش متظاهرة بالنوم وفي الصباح تهمل حضوره كليا! واصبح لا يرى منها إلا ظلا غاضبا يتبعه طوال النهار ويلقي له بنظرات ڼارية فلا يجد سوى بحر العمل ليغرق فيه هربا من ضيق صدره وڠضبها المفتعل دوما لقد وبخ أمه كثيرا لتطاولها على ذكرى حماه رحمه الله فهو برغم كل شيء إلا أنه يحمل ذكريات طيبة لهذا الرجل الرائع ويحترمه وأحيانا يلقى على مسامع صغيرته سلمى حكايات عن جدها الحنون ولكن سرعان ما وأن عالجته أمه بعيون دامعة واعتذار صادق عن آلامها وما تسببه الأدوية التي تتعاطها ضيق خلقها مؤخرا بسبب من تعب بالغ بالاضافه لمرضها الذي لابراء منه تلك الآلام التي يقف عاجزا أمامها ويرقب أمه وهي تارة تحاربها وتارة تستسلم لها بإختصار إنها تذوي أمامه وبالبطيء بينما هو مكتوف الأيدى أمر قاټل ومع كل ماتمر به أمه من معاناة مع مرضها العضال يجد زوجته دوما سريعة الڠضب والإشتعال في كل ما يخصها ويبدو أنها لاتقدر مطلقا حجم تلك المعاناة مما يشعره بأنها ببساطة خذلته 
صړخة شقت سكون القصر بعد إنصراف الأبناء لمدرسهم
ألحقنى ياجاسر بيه
متقلقش شوية تعب بسيط هنغير بس فى بروتوكول العلاج وهنتابع
هكذا كانت كلمات الطبيب قبيل إنصرافه ولكنها بالتأكيد لم تنجح

في تهدئته تغيير نظام العلاج ليس له معنى سوى بأن مرض والدته انتقل لمرحلة أكثر تعقيدا وخطۏرة رغم
10 

انت في الصفحة 9 من 122 صفحات