رواية كاملة بقلم هدير محمود
ظنا منهما أنه سيكن يوما مثل باقي الأيام لكن اليوم لم يمر على أدهم هكذا ..
بينما كانت مريم في العمليات تجري عملية جراحية لمريض مع طبيب أخر زميل وبعدما أنهتها وجدت نور بالخارج تخبرها عما حدث مع أدهم
نور متسائلة عرفتي اللي حصل مع دكتور أدهم
أدهم ! لأ معرفش ..أيه اللي حصل
مريم بفزع حصل أمتا الكلام ده
من ساعتين تقريبا
وأدهم فين دلوقتي
بيتحقق معاه
وفي تلك اللحظة سمعت مريم موظف الاستقبال يقول دكتورة نور ودكتورة مريم مطلوبين في الاستقبال
علمت أن هناك حالة طارئة وهي ونور تم طلبهم للتعامل مع الحالة وكانت تحتاج لعملية جراحية في الحال دلفت مريم العمليات محاولة ألا تفكر فيما حدث ل أدهم حتى انهت العملية التي استمرت أكثر من ساعة ونصف وحينما خرجت وجدت سيف أمامها ف هرعت إليه لتسأله عن صديقه لعله يعلم أي معلومة يخبرها بها
أه هو كان بيعمل عمليه ل حالة كانت بتولد هو أنقذ الجنين بس الست للأسف ماټت
وأدهم كان السبب ولا أيه اللي حصل
لا أدهم مغلطش في حاجة انتي عارفة أن في حالات نادرة السائل الأمينوسي بيتسرب للأم ف الجسم مش بيفهمه ف بيهاجمه ف الحالة بټموت في دقايق ومبيبقاش قدام الدكتور إلا لحظات يا أما ينقذ الطفل يا أما الجنين والأم الاتنين هيموتوا.. وعشان كده التحقيق اتحفظ مع أدهم لأنه محصلش منه أي خطأ طبي
روح بس الواضح أن حالته النفسية وحشة جدا حاولت اخليه يقعد معايا شوية لكن مرضيش وأصر يروح ..ياريت تحاولي تساعديه يخرج من الحالة ديه أدهم لو فضل في الحالة ديه مش هيعرف يرجع شغله بشكل طبيعي تاني
بإذن الله ..أدهم قوي واحنا دكاترة وده وارد في شغلنا ..على العموم أنا هتكلم معاه وربنا يسهل بعد أذنك
كان وقت عملها قد انتهى ف عادت سريعا إلى بيت أدهم وجدته في غرفته وهي مغلقة ترددت كثيرا وفكرت ماذا عليها أن تفعل تتركه بمفرده أم تتحدث معه وتتحمل أي انفعال منه ..لكنها شعرت أنه قد يحتاج بعض الوقت ليجلس مع نفسه فقررت أن تتركه حتى يخرج من غرفته وانتظرت لأكثر من ثلاث ساعات لكنه لم يخرج فقررت ألا تتركه أكثر من ذلك ف طرقت باب غرفته عدة طرقات فأجابها بصوت متحشرج تشعر وكأنه باكي لم تحاول أن تظهر أي عطف في صوتها حتى لا تثير غضبه نادته قائلة
لا شكرا مش عايز.. اتغدي أنتي
أدهم ممكن أدخل
لأ
لو سمحت
لأ يا مريم سيبني لوحدي
قررت مريم أن تحدثه من خلف الباب أدهم أنتا دكتور شاطر وحاډثة زي ديه مش لازم تأثر عليك أنتا مغلطتش ف حاجة واحنا دكاترة وعادي نتعرض للحالات ديه احنا بنصارع المۏت لكن في الأول والآخر قدر ربنا بينفذ ومش بأيدنا أي حاجة يمكن طبيعة شغلك ك دكتور نساء خليتك متعرضتش للموقف ده قبل كده بس صدقني مش المفروض أنك تلوم نفسك وتحمل نفسك ذنب أنتا مرتكبتهوش
أدهم صدقني أنا فشلت ف علاج حالات كتيير والمۏت سبقني وهزمني بس اللي كان بيريحني إني بذلت كل جهدي إني أنقذ المړيض لكن أمر ربنا كفايه أنك عملت كل جهدك وانقذت
الجنين اللي هيفكرهم بيها دايما
أجابها أخيرا بكل الألم الذي يحمله بداخله والطفل اللي اتولد يتيم من غير أم تحن عليه ..من غير صدر يحتويه ويسقيه من لبنه وحنانه ..
ربنا أحن عليه منك ومن أمه حتى
أنتي مش عارفة ولا فاهمة حاجة يا مريم
طب فهمني اتكلم معايا يا أدهم
الست دي هي وجوزها فضلوا مستنين الطفل ده من ست سنين وجولي عشان أعملها عمليه حقن مجهري وقولتلهم أنها ممكن تتعالج وتحمل من غير عملية ومكنوش مقتنعين في الأول عشان جربوا علاج كتير قبل كده وبتوفيق من ربنا قدرت أعالجها وفعلا بقت حامل كنت عايش فرحتها هي وجوزها في كل زيارة وقد أيه هما كانوا متحمسين ومستنيين اللحظة اللي الجنين ده يوصل بالسلامة ولما اللحظة ديه تيجي هي متكونش موجودة متشوفهوش بعنيها ..متاخدوش في حضنها
يا مريم أنتي مشوفتيش شكل جوزها وأنا بقوله الخبر وبديله البيبي مكنش مصدق فضل يقول احنا متفقناش على كده مش اتفقنا هنربيه سوا وهنلعب معاه سوا وهنسهر بيه سوا طب لو جاع مين هيأكله أنا كنت عايزه عشانك يا حبيبتي عشان مشوفش في عينك نظرة حزن كل أما تشوفي طفل لكن أنا عايزك أنتي خده يا دكتور ورجعهالي رجعلي حبيبتي رجعلي مراتي..عايزاني بعد كل ده أبقى عادي ومحملش نفسي ذنب
مسحت مريم دمعة كانت قد سقطت على وجنتيها رغما عنها من فرط تأثرها من حديثه ثم قالت أنا مش بقولك تبقى عادي لكن مش لازم تحمل نفسك ذنب لأنه فعلا مش ذنبك
أمال ذنب مين
مش ذنب حد ..عمرها انتهى لحد اللحظة ديه لحكمة ربنا وحده أعلم بيها ربنا هيتولى الطفل وهيرعاه وهيسخرله اللي هيهتم بيه وكمان الزوج ربنا هيصبره وهيجازيه خير على صبره على الابتلاء ده اختبار من ربنا ليه واحنا لازم ندعيله أن ربنا يعينه ويقويه عشان ينجح في الاختبار ده وأنتا يا أدهم لازم تنسى اللي حصل وترجع ل شغلك ..
أنا مش جاهز ل ده دلوقتي هاخد أجازة أسبوع وبعدها أبقى أشوف
لم تجادله كثيرا ف هي تعلم تلك الحالة جيدا لقد مرت بها في بداية عملها حينما توفى بين يديها أول حالة شعرت بكل ما شعر به بل هو موقفه أكثر حدة ف هي نفسها تأثرت بتلك الحالة لمجرد أن حكى لها عنها تركته وحاولت ألا تتطفل على وحدته كثيرا ومر الأسبوع وعاد أدهم لعمله لكن ليس كما كان يرفض إجراء أيه عمليات مجرد كشف ظاهري أو ولادة طبيعية فقط وايه حالة جراحية يحيلها لطبيب آخر حتى عيادته الخاصة لم يعود إليها حاولت مريم التحدث معه لكنه رفض الحديث معها وأخبرها أن هذا قراره وأنه هو وحده من يستطيع أن يقرر متى يكن مستعد للعودة من جديد للعمليات الجراحية ..
في أيه يا محمد
حضرتك مطلوب في غرفة العمليات 3
عمليات !عمليات أيه ومين طالبني
دكتورة مريم هناك
عايزة أيه يعني
معرفش والله يا دكتور هي طلبت مني أطلب حضرتك بس بسرعة
ماشي يا محمد
وهناك عند غرفة التعقيم وجد مريم بانتظاره
في أيه يا مريم عايزة أيه
أدهم أتعقم بسرعة وتعالى معايا
أتعقم بسرعة أيه وآجي معاكي فين
غيري أيه ما أنتي عارفة إني مش هدخل عمليات دلوقتي والطريقة ديه متنفعش معايا شوفي أي دكتور تاني يساعدك أنا لأ
وهم بالانصراف ..لكنها جذبته من معصمه قائلة
أدهم أرجوك ساعدني ننقذ الأم والجنين مفيش وقت للكلام ده ومفيش دكتور شاطر زيك ويقدر ينقذها
زي اللي فاتت كده !..أنتي للدرجادي بتكرهيني عايزة تدمريني عشان مقدرش أدخل عمليات تاني الست ديه لو ماټت مفيش ست هتثق فيا أصلا...
هل سترفع مريم راية استسلامها وتتركه وشأنه وتضعف أمام أتهامه لها أم ستستمر قوتها وتتغلب على خوفه وتستطيع مساعدته وهل سيحالفها الحظ هذه المرة وينقذ أدهم المړيضة أم انها بداية النهاية لأدهم طبيب النساء الماهر هذا ما سنعرفه في الفصل القادم
استغفر الله العظيم وأتوب إليه
البارت 8
أدهم أرجوك ساعدني ننقذ الأم والجنين مفيش وقت للكلام ده ومفيش دكتور شاطر زيك ويقدر ينقذها
زي اللي فاتت كده !..إنتي للدرجادي بتكرهيني عايزة تدمريني عشان مقدرش أدخل عمليات تاني الست ديه لو ماټت أنا مش هقدر أدخل عمليات تاني أبدا ومفيش ست هتثق فيا أصلا
مريم بحزم بقولك أيه مش وقته عقد وكلام فاضي الحالة اللي جوه ديه محتاجانا حالا صدقني أنتا قدها أنسى اللي فات تماما أنتا الدكتور أدهم اللي كل الستات بتتمنى تولد معاه من سرعتك ومهنيتك العالية وسهولة أي عملية معاك ..أرجوك يا أدهم لو مقدرتش تنقذ الأم اللي فاتت يمكن ربنا بعتك للأم ديه شوفت الراجل اللي واقف بره ده جوزها واللي جمبه دول ولاده التؤام اللي عندهم 5 سنين لو مساعدتنيش حالا الست ديه ممكن تروح والمرادي هيبقا ذنبها في رقبتك
وفي تلك اللحظة سمعا صوت الممرضة تأتي من داخل غرفة العمليات وتخبرهم بأن النبض يقل ونبض الجنين هو الآخر بدأ يختفي ..هنا صړخ أدهم في الممرضة وطلب منها إعطاء المړيضة حقنة أخبرها بها وفي لحظات كان قد تعقم وارتدى زي العمليات وكان بالداخل وخلفه مريم كانت تلك المرة الأولى التي تجتمع مريم وأدهم في غرفة عمليات
واحدة كانت أول مرة تراه وهو يقوم بتوليد إمرأة إنه حقا طبيب ماهر سريع البديهة لم تمر سوى دقائق قليلة حتى التي استطاعت ايقافه بعد محاولات عديدة وكانت الأم هي الآخرى على وشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة لولا أدهم الذي ساعدها واستطاعا بفضل الله أن ينقذا الأم والجنين وخرجا معا لطمأنة زوجها وأطفالها حينها توجه أدهم للطفلين وحملهما وتوجهت مريم للحديث مع زوج المړيضة وكانت معها المولود الجديد
الحمد لله قدرنا بفضل من ربنا أننا ننقذه وهيروح الحضانة وهيبقا كويس بإذن الله
الزوج بلهفة ومراتي منى ..منى عاملة أيه يا دكتورة أوعي تقولي جرالها حاجة أنا مقدرش أعيش من غيرها أنا والولاد
اطمن الحمد لله ربنا كان معانا ونجاهم هما الأتنين بس بصراحة وتوجهت ببصرها تجاه أدهم الذي مازال حاملا الطفلين الفضل يرجع لدكتور أدهم بعد ربنا طبعا لولاه كنا أكيد
فقدنا الأم أو الجنين
توجه الزوج لأدهم ونظر له باكيا ثم حضنه وشكره كثيرا
نظر له أدهم في تأثر واضح وقال
أنا معملتش حاجة ربنا اللي ساعدني وكمان دكتورة مريم ..ربنا يحفظلك المدام ويباركلكم في بعض ويحفظلكم أولادكم بعد أذنك
تركته مريم ينصرف دون أن تنبس ببنت شفة ف هي تعلم أنه في أشد لحظات التأثر ..ومر اليوم والمستشفى لا تتحدث سوى عن أدهم وانقاذه للأم وطفلها وحينما حان موعد انصرافهما من المستشفي ركبا معا السيارة فقد كانا دائما ما يركبان في نبطشيات السهر لانه كان يخشى عليها من السواقة في الوقت المبكر جدا لأن الشوارع تكون خالية تماما من المارة لذا كانا متفقين أن يعودا معا في نفس السيارة في تلك الأيام ..وفي ذلك اليوم لم يتحدثا بأية كلمة حتى عادا لمنزلهما وحينما همت مريم بالتوجه إلى غرفتها أمسكها أدهم من ذراعها وأوقفها وجذبها لتصبح مواجهه له ونظر داخل عينيها قائلا
انا آسف ..وشكرا بجد
آسف على أيه وشكرا ليه
آسف على