رواية كاملة بقلم الكاتبة بتول
صحيح بشكل ما من سيتقدم
للزواج من إبنتها التي قاربت على الثلاثين ! عانس لقب أطلق عليها منذ أن تخطت الخامسة والعشرين لقب تستمع له من أحاديث الناس وتدرك جيدا ما يقولونه عن إبنتها التي فاتها قطار الزواج كما يقولون .. إبنتها التي أضاعت عمرها في الدراسة ولم تكن تهتم بأمر الزواج رافضة كل من كان يتقدم لها أثناء دراستها وما إن انتهت حتى أصبح من يتقدمون لها بعيدون كل البعد عن المواصفات التي تريدها .. فإما مطلق إما أرمل وربما معه طفل أو أكثر .. والشخص الوحيد الذي تقدم لها منذ عام وكانت أول زواجه له وبشكل عام لم يكن لديها اعتراض عليه لكنه أراد أخذها معه في هجرته لأحد الدول الأجنبية غير مهتما بمكانتها التي وصلت لها بعد سنوات من الدراسة والاجتهاد فأصبحت المديرة التنفيذية لأحد شركات الأدوية بعد تخرجها من كلية الصيدلة وحصولها على درجة الماجستير ومع جهودها ومهاراتها التي أظهرتها في عملها منذ بداية التحاقها للعمل بالشركة استطاعت في سنوات قليلة الوصول لمكانتها هذة .. لذا رفضته بالطبع متمسكة بما وصلت إليه من مكانة ..
أنهت بها آمال حديثها مع شقيقتها التي رمقتها بنظرة أخيرة غير راضية بتفكير شقيقتها أستعطي ابنتها حق في الإختيار مرة أخرى !
وعلى باب الغرفة كانت تقف تستمع لحديثهما منذ البداية .. دلفت لغرفتها بعد أن عادت من عملها للتو .. أغلقت الباب وقذفت حقيبتها على الفراش وبدأت في خلع بذلتها النسائية بملامح واجمة لا توشي بشئ .. ولكن الحقيقة أن خلفها كل شئ .. خلفها حزن وحسرة و ألم .. وجميع هذة المشاعر لم تنتبها سوى من أحاديث الناس .. وكأن هم الدنيا ليس كافيا ليزيدونه بحديثهم الذي لا يرحم ..
فتحت باب الغرفة لتجده واقفا أمام خزانة الملابس ينتقي منها بعض الثياب التف على صوت فتح الباب ليدهش من وجودها بينما اتجهت له سريعا وهي تردد بملامح قلقة
ياسر أنت كويس
ترك ما في يده وهو يلتفت لها مجيبا بهدوء
آه يا حبيبتي كويس أنت رجعت ليه
زفرت أنفاسها براحة وهي تهتف
عرفت أنك مش جاي الشركة قلقت عليك أنت عمرك ما خدت أجازة وكمان مقولتليش إنك مش هتروح رنيت عليك لقيت تليفونك مغلق قلقت أكتر فجيت .
معلش يا حبيبتي قلقتك أنا فعلا مكنتش ناوي أغيب بس عندي مشوار مهم لازم اعمله وافتكرته الصبح وتليفوني هتلاقيه فصل شحن مشحنتوش من امبارح بس مكنش في داعي ترجعي المشوار ده كله تاني .
يعني قلقي عليك ميستحقش
إني أرجع أشوفك وأنا مش عارفة أوصلك وبعدين أنا معايا عربيتي هو أنا راجعة مشي .. لو مكنتش عارفة إن طنط هتسمعني كلمتين لو اتصلت وسألتها عليك كنت كلمتها .
في
شركته بفضل مجهودها وكل ما تحصل عليه تستحقه وبجدارة ...
هتف بهدوء
أنت عارفة ماما شايفة إن شغلك ملوش داعي وخصوصا إنك مصره تفضلي في وظيفتك القديمة وده بيضطرك تنزلي
قبلي بساعتين وأحيانا بترجعي بعدي .. متعرفيش هو مبهور بيك ازاي .
ابتسمت مرددة بصدق
أنا بجد بعتبره أخويا الصغير وبفرح أوي لما بييجي يحكيلي عن حاجه أو ياخد رأيي في حاجه محياره .
إن كان هو 25 فأنا بلا فخر فاضلي كام شهر وأكمل ال ..يبقى أخويا الصغير ولا لأ! .. وبعدين غيرتك دي متبقاش منه ده أنت بتعتبره ابنك !.
ولو .. لحد مراتي واستوب ..بعدين يلا بقى عشان كدة هتأخريني ..هترجعي الشغل
نفت برأسها وهي تبتعد عنه لتسمح له بتبديل ثيابه وهي تجيبه
لأ معنديش حاجه مهمة النهاردة ومادام جيت بقى مش هرجع تاني ..
ايه رأيك بعد ماخلص مشواري أجي أخدك ونتعشى بره وكمان تعملي شوبينج بقالك فترة ما اشترتيش حاجه .
نفت برأسها بهدوء
مش محتاجة اعمل شوبينج .. أنت عارف إني مش مهووسه بالشړا ومادام مش محتاجه حاجه خلاص .. وبعدين ماأنت كل ما تشوف حاجه تعجبك تجيبهالي .
معنديش أغلى منك أجيبله يا زهرة .
التمعت عيناها بحب حقيقي وهي تنهي هندمة قميصه مرددة
أنا بحبك اوي يا ياسر وبحمد ربنا إنك كنت نصيبي الحلو الي متشالي .
أمسك كفيها ضاغطا عليهما برفق وهو يردد
وأنا بحبك أكتر .. ومعلش أنا عارف إن ماما بتضايقك كتير بس عشان خاطري متزعليش منها .
ابتسمت له بهدوء ظاهري قائلة
ولا يهمك يا حبيبي أنا مبزعلش منها ..
يعلم أنها كاذبة فكيف لها ألا تغضب من حديث والدته السام وإحراجها لها معظم الوقت ورغم أنه تحدث مع والدته كثيرا بخصوص هذا الأمر لكن لا يجدي الحديث معها نفعا ..
تنهد بضيق خفي وقال مبتسما
طيب يا حبيبتي اسبقيني على تحت عشان نتغدى مع ماما و سمية بما إننا اجازة النهاردة
.. واعملي حسابك لما ارجع من مشواري هنروح نتعشى بره .
أومأت باستسلام وهي تردد
حاضر ياحبيبي وأنا هكون جاهزة ..
وها هي والدتها تجلس معها بعد ذهاب خالتها لتحاول إقناعها بالعريس الجديد! وهي رغم علمها السابق لكنها تعاملت وكأنه لم تعرف شئ عن الأمر ..
متجوز وعنده ولد ! ده العريس الي جايبهولي يا ماما
أرمل مش متجوز في فرق ..
وبعدين يا حبيبتي ايه العيب في كونه كان متجوز قبل كده أو إن عنده
لمعت عيناها بلمعة حزينة يائسة وهي تردد بنبرة توارى الحزن بين طياتها
لا ياماما .. أنا مش معترضه عشان كده .. أنت مش ملاحظة إن معظم العرسان الي بقيت تكلميني عنهم يا أرمل يا مطلق ! وده طبعا عشان أنا عنست ومحدش هيبصلي لو أول مرة يتجوز إلا لو كان سنه كبير مش كده
نفت برأسها وهي تهتف بتلعثم طفيف
لأ ... مين قال كدة ! أنت مكبرة الحكاية و...
قاطعتها وهي تقف متجهة للنافذة الموجودة بغرفتها لتنظر منها تراقب سير الناقلات بالخارج وسير البشر كلا سابحا في ملكوته تعلقت عيناها بهرة تمشي ببطئ يبدو أن قدمها مصاپة حتى أنها جلست بعد عدة خطوات متسطحة فوق الأرضية تطالع ما حولها بعجز وكأنها تنادي بالخفاء لينقذها أحد خاصة مع تعلق عيناها بصندوق القمامة البعيد فيبدو أنه وجهتها المعنية .. تمتمت بحزن شارد
مش ده الي خالتي قالتهولك .. قالتلك بنتك كبرت ولو فضلت مستنية عريس على مزاجها يبقى هتقعد جنبك بقيت العمر وإن محدش هيتقدم لواحدة في سني إلا لو كان عنده عله ..
رددت الأخيرة بنبرة خاڤتة أثارت ضحكة ساخرة ظهرت على
ثغر الأخيرة
دون أن تلتفت .. فيبدو أن والدتها العزيزة لم يطاوعها لسانها لقول جملتها الكاذبة الأخيرة !!..
أنا هتشل بقى ابني يتجوز واحدة داخله على الثلاثين ! لا وفرحان بيها أوي أنا نفسي أعرف هي سحراله !
عادي يعني يا ماما ما هو برضو عنده 32 يعني أكبر منها ..
ثارت والدتها من حديث إبنتها التي دوما ما تتخذ صف زوجة أخيها فهتفت بحنق
هو راجل يا حبيبتي إنشاالله يكون 40 بعدين ما طبيعي يكون أكبر منها ولا كنت عاوزاها تكون أكبر منه كمان ! بعدين بقالهم سنة اهو ومحملتش تقدري تقوليلي هتحمل امتى وهي أصلا فرصها في الحمل قليلة ! .
زفرت أنفاسها بضيق وهي تقول
و ياسر
عارف كده وراضي هو حر يا ماما تحمل ما تحملش دي حياتهم هما ..
بت أنت قومي من وشي كلامك بيعفرتني ..
هتفت بها بضيق وهي تشيح بنظرها عن إبنتها التي لا يجدي الحديث معها نفعا ..
عاد صوت والدة زوجها يصدح وهي تقول
مش كفاية أنه مأمنلها على الشغل وقال ايه مش موافقة على تريقتها وعاوزه تفضل في وظيفتها القديمة ..عارفه كل ده لعب منها بكرة تتدحلب لحد ما تاخد مكان أخوك وتبقى رئيسة مجلس الإدارة والعبيط التاني بقوله كده من كام يوم عشان
أنوره يقوم يقولي ياريت عالأقل تشيل الهم من على كتافي أنا أصلا حابب أكون موظف عادي بعيد عن المسؤليات وهمها .. شوفتي أخواتك ! .. واحد أهطل ومش فارق معاه حاجه والتاني بيحبها وواكله بعقله حلاوة .. بكرة تكون هي الكل في الكل وهم ولا لهم بالغ
ياسر .. خلاص عشان خاطري بلاش مشاكل أنت آخر مرة كلمتها اټخانقتوا وفضلت تقول إنك بتزعقلها عشاني .
جملة واحده خرجت من بين شفتيه ...بنبرة جامدة حادة جعلتها تتراجع في وقوفها أمامه حين قال
أوعي يا زهرة ..
ابتعدت مرغمة لأنها تعلم حالته هذة جيدا .. فياسر رغم كل خصاله الجيدة إلا أنه في غضبه لا يراعي أحد .. وهذا أكثر ما تخشاه حاليا ...!
أتمنى تكوني خلصت كلام في سيرتي أنا و مراتي .
ايه الډخله دي يا ياسر ! وسيرتك ايه أنت ومراتك الي بجيب فيها
رفع حاجبه باستهجان وهو يشير لها بيده مرددا بسخرية
والله إجابة سؤالك عندك مش عندي .. أنا سمعت كلامك ومستني أعرف امتى هتقتنعي إن حياتي دي تخصني أنا ومسمحش لحد يدخل فيها حتى لو كان أنت يا ماما .
وقفت متحفزة بجسدها حين رأت دلوف زهرة للغرفة فاستشاطت وهي ترى إبنها يتحدث معها ويحاسبها أمام تلك الغريبة الغير مرغوب في تواجدها بالمرة فهتفت بضيق
بتتدخلي في حياتي
!!.
هتفت سمية بضيق من حديث والدتها التي لا تراعي وجود زوجة شقيقها
خلاص يا ماما مفيش داعي للكلام ده !.
الټفت لها باهتياج وهي تردد
ليه يا عنيا خاېفه على أحاسيسها ماهي عارفة إني مش موافقة من الأول على الجوازه دي ولا عشان أول مرة أقولها في وشها ...
الټفت ل زهرة وهي تسألها بسخرية
ولا ايه يا ..يامرات ابني مش أنت برضو عارفة إني مجبرة اتقبلك عشان ابني .
أجلت حنجرتها من غصة البكاء التي تتملكها وهتفت بدموع محتجزة في
عيناها
هدأت نبرتها وهي تجيبها بضيق
عشان من أول ما قالي عليك وعلى وضعك وأنا قلتله لأ من البداية قلتله شوفلك حد تاني يكون مناسب أكتر .. واحدة من مستوانا ومن طبقتنا .. واحدة تكون صغيرة متكسفش أعرف عليها معارفي .. أنت عارفة كام واحده من معارفي قالولي ليه ابنك أتجوز واحده كبيره كده مش كان أولى يتجوز شابة صغيرة ..
ماما !..
أنت عاوزه مني ايه ليه مش عاوزه تسبيني في حالي وتخليني أعيش حياتي الي اخترتها بسلام .. الناس الي بتقولي بيتكلموا عليها دول ميعرفوش سنها أصلا عشان يتكلموا ومعتقدش أنها باين عليها الكبر للدرجادي ...بس أنت الي ماشية تقولي أنها كبيرة وعانس ومكنتش لاقيه الي يتجوزها مش صح
توترت ملامحها وهي تستمع لسؤاله ولم تجيبه ليكمل بنبرة مټألمة
حتى لو مش حباها ورافضة وجودها المفروض كنت تتقبليها عشاني عشان سعادة إبنك عشان