رواية رائعة بقلم الكاتبة بسمة مجدي
توقفت أنفاسه حين التفتت في مواجهته لم يتغير علي مر الاعوام مازالت عيناه تشع دفئا رغم الألم الذي يكسوها ومازالت ملامحه تغمر قلبه بالحنين رغم التجاعيد الذي خطها الزمان علي وجهه ليقترب ويجثو علي ركبتيه امامه والدموع تنساب علي وجنتيه بلا سابق إنذار ليهمس بصوت مخټنق
الم تتعرف علي ولدك الوحيد...أبي !
انت...م...مين ! وبتعيط...ليه !
لم يفهم ما قاله لكنه استشعره من تقطيبة جبينه ليهمس بضعف وهو يمسك كفه المرتعش يقبله بدموع
انا ابنك...أدعي داني...أقصد...آدم ... !!!
_ 28_
تسللت أشعة الشمس الي الغرفة لتشبعها ضوء ليتململ ذلك النائم بانزعاج ويفتح جفونه ببطء ليجد الغرفة فارغة قطب جبينه لينهض متجولا بالمنزل وارشدته صوت الضحكات القادمة من المطبخ دلف ليجد زوجته سارة تتنقل في انحاء المطبخ كالفراشة بمنامتها القصيرة وترفع خصلاتها للأعلى لټخطف أنفاسه بطلتها تلك وينتبه لضحكات الصغار فهي تعد الافطار وتطعهم اثناء الطهو حتي صغيرته المدللة تقي تعلقت بها بتلك السرعة! ليهتف بمرح
هرعت الصغيرة اليه لتتعلق بساقيه ليرفعها مقبلا وجنتيها وهو يتسأل
هي امي فين صحيح
اجابته وهي ترص الاطباق علي الطاولة
ماما سافرت البلد النهاردة الصبح...انا قولتلها مفيش داعي بس فضلت مصرة وقالتلي انها هتكلمك اول ما توصل...
نفخ بضيق فهو يعلم تمام العلم رأس والدته اليابس وانها فعلت ذلك حتي يتسنى لهم فرصة للاعتياد علي بعضهم البعض ليجلسوا جميعا ليتناولوا الافطار وكعادته إلياس يضع صغيرته علي ركبتيه ويطعمها بيده الامر الذي أثار غيرة وحزن يزن الذي نظر ارضا بحزن فوالده تخلي عنه ولم يحمله يوما ويطعمه كما تمني لفت انظار الياس حزن الصغير وخجله من ان يطلب منه ان يطعمه ليلتفت قائلا لتقي
صفقت الصغيرة بسعادة فقد تعلقت بسارة كثيرا في تلك المدة القصيرة لتحملها وتطعمها بحب وتقبل وجنتيها من حبن لآخر وعلي حين غرة حمل الياس يزن ليضعه علي ركبتيه قائلا بابتسامة
ايه يا بطل مبتاكلش ليه
تلك الحركة البسيطة وكلماته المعدودة ادخلت السرور الي قلب الصغير ليهتف بابتسامة مشرقة
ابتسم له بحنان وهو يطعمه غافلا عن اعين سارة التي تطالعه بأعين دامعة بامتنان فأطفالها حقا بحاجة لأب رغم اهتمامها بهم لتحمدلله سرا علي شخصية مثله...
ولج الي المنزل بمقعد والده المتحرك ليطلب من ليلي مناداتها لتومأ له وتنادي بابتسامة ومازالت دموعها عالقة بجفونها من فرط سعادتها
هرعت اليهم وقلبها يرفرف من السعادة فهي اصبحت تعد الأيام فقط لتري ابتسامته المهلكة او عيناه التي تري البحر من خلالها لتخرج قائلة بإنجليزيتها الركيكة الضعيفة
مرحبا...كيف...حالك سيد دانيال !
فهي منذ عادت الي المدرسة لا تهتم سوي لدراسة اللغة الانجليزية لتستطيع التواصل معه بلا حاجة لوجود خطيبته البغيضة كما تسميها لتقطب جبينها فمن ذلك الرجل المقعد لتشرح لها ليلي بابتسامة سعيدة
زهرة...ده انكل ابراهيم والد دانيال...احنا فكرنا نجيبه يعيش معاكي هنا بما انك عايشة لوحدك!
ابتسمت فهذه فرصتها ان تهتم بوالده لعلها تلتف انتباهه اليها لتقول بابتسامة
دانا هشيله في عنيا يا خبر...
ادخله غرفته برفقة ليلي ليهتف أبيه بارتعاش
آدم...اوعي...تمشي تاني !
جلس كلاهما علي ركبتيهما أمامه لتبدا ليلي في الترجمة قائلة لأبيه برقتها المعهودة
متقلقش يا انكل...داني...قصدي آدم بيدور عليك بقاله كتير وهو عمره ما هيسيبك تاني!
ربت علي خصلاتها بحنان ثم انتقل لخصلات داني مربتا عليه بحنو لا يصدق ان طفله عاد اليه وانه صار رجلا مفتول العضلات لم يكن يصدق لولا عيناه الزرقاء الذي كان يتعجب منها الكثيرون قديما حين عاد به الي موطنه ليقبل كلاهما كفه بحب غافلين عن تلك الأعين المشټعلة التي تراقبهم وما كانت سوي زهرة تنفست پغضب لتراقب خروجهم وتوديع داني لخطيبته لتتغير ملامحها حين علمت انه ينوي المبيت بمنزلها لأجل والده ها قد اتت فرصتها علي طبق من فضة فأقسمت الا تضيعها!
جلس في ظلام دامس حتي اصبح لا يميز من اين يأتي الظلام من داخله المحطمة ام من حوله! فتح الدفتر القديم ليتطلع علي صور اولاده الثلاث باشتياق وعبراته الحبيسة تأبي الخروج ليرتكز علي صورة سارة ليميل ويقبل صورتها هامسا بصوت مخټنق
الف مبروك يا حبيبتي...سامحيني حاولت اجي الفرح بس مقدرتش... خفت تزعلي من وجودي وابوظ فرحتك !
لتهبط عبراته الساخنة تشق طريقها علي وجنتيه حين تطلع علي صورة يوسف متذكرا اخر مكالمة له منذ شهرين...
Flash back.
هدر به بعصبية ما ان اجاب علي اتصاله
انت ازاي تعمل كده في ليلي !